للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعريفه بما ذكرناه الشيخ أبو محمد الجويني فيما نقله عنه ابن الصلاح في منسكه، لأنه قال: قال الشيخ أبو محمد: المطاف المعتاد الذي يستنكر ويستبعد مجاوزته هو ما بين الكعبة والمقام، ومن كل جانب في العادة أمارات منصوبة لا يكاد الناس يخرجون عنها ... انتهى.

قلت: وهذا الموضع مفروش بالحجارة المنحوتة حول الكعبة من جوانبها، وعمل ذلك دفعات، حتى صار على ما هو عليه اليوم، وكان مصيره هكذا في سنة ست وستين وسبعمائة، والمعمول منه في هذه السنة جانب كبير جدا، وهاتان العمارتان من جهة الملك الأشرف شبعان صاحب مصر١. وعمر المطاف من ملوك مصر: الملك المنصور لاجين المنصوري٢، واسمه مكتوب بسبب ذلك في رخامة بين الركن اليماني والحجر الأسود، وعمره من الخلفاء: المستنصر العباسي في سنة إحدى وثلاثين وستمائة٣، واسمه مكتوب بسبب ذلك في الحفرة التي عند باب الكعبة.

قد بين الفاكهي أول من فرش الحجارة في موضع الطواف ومقدار ذلك، وما كان يضع في موضعه، لأنه قال: ذكر فرش الطواف بأي شيء هو، قال بعض المكيين: إن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما لما بنى الكعبة وفرغ من بنائها وخلقها وطلاها بالمسك، وفرش أرضها من داخلها، بقيت من الحجارة بقية، ففرش بها حول المطاف كما يدور البيت نحوا من عشرة أذرع، وذلك الفرش باق إلى اليوم، إذا جاء الحاج في الموسم، جعل على تلك الحجارة رمل من رمل الكثيب الذي بأسفل مكة يدعى كثيب الرمضة، وذلك أن الحجبة يشترون له مدر ورملا كثيرا فيجعل في الطواف، ويجعل الرمل فوقه، ويرش بالماء حتى يتلبد، ويؤخذ بقية ذلك الرمل فيجعل في زاوية المسجد الذي يلي باب بني سهم، فإذا خف ذلك الرمل والمدر أعادوه عليه ورشوا عليه الماء حتى يتلبد، فيطوف الناس عليه، فيكون ألين على أقدامهم في الطواف، فإذا كان الصيف وحمي ذلك الرمل من شدة الحر فيؤمر غلمان زمزم وغلمان الكعبة أن يستقوا من ماء زمزم في قرب، ثم يحملونها على رقابهم حتى يرش به رمل الطواف فيتلبد ويسكن حره، وكذلك أيضا يرشون الصف الأول، وخلف المقام كما يدور الصف حول البيت ... انتهى.

وقد اعتبر بعض أصحابنا بحضوري مقدار ما بين منتهى ذلك وبين الكعبة المعظمة من جميع جوانبها، فكان مقدار ما بين الحجر الأسود وطرف البلاط المحاذي له على


١ إتحاف الورى ٣/ ٣٠٤، العقد الثمين ٥/: ١٠، ١١.
٢ تولى السلطنة سنة ٦٩٦ وقتل سنة ٦٩٨هـ "البداية والنهاية ١٣/ ٣٤٨- ١٤/ ٣".
٣ إتحاف الورى ٣/ ٥٠، العقد الثمين ٣/ ٣٢٥، وفيه أن العمارة كانت سنة ٦٣٥هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>