للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موضع البيت، لأنه ذكر أنه كان ربوة حمراء، وفيها هاجر وإسماعيل، وقد زما حول الماء بالحجارة، ومنعوه من الجريان، ثم قال: فسلم الرواد عليهما واستأذنوهما في نزولهم وشربهم من الماء، فأنست إليهم وأذنت لهم في النزول، فتلقوا من وراءهم من أهلهم، وأخبروهم خبر الماء، فنزلوا الوادي مطمئنين مستبشرين بالماء لما أضاء لهم الوادي من نور النبوة وموضع البيت الحرام.

ثم قال: وتسامعت جرهم ببني كركر، ونزولهم في الوادي، وما هم فيه من الخصب ودر الضرع، وهم في حال قحط، فساروا نحو مكة وعليهم الحارث بن مضاض بن عمرو بن سعد بن رقب بن ظالم بن هني١ بن نبت بن جرهم، حتى أتوا الوادي، ونزلوا على مكة، واستوطنوا الدار مع إسماعيل ومن تقدمهم من العماليق من بني كركر، وقد قيل في كركر: إنهم من العماليق، وقيل: من جرهم، والأشهر أنهم من العماليق.

ثم قال بعد ذكر شيء من خبر إسماعيل: ولما قبض إسماعيل قام بالبيت بعده نابت بن إسماعيل، ثم قام بعد نابت إياس بن جرهم لغلبة جرهم على دار إسماعيل، وكان ملك جرهم يومئذ الحارث بن مضاض، وهو أول من ولي البيت، فكان ينزل هنالك في الموضع المعروف بقعيقعان لما ذكرنا، وخرج السميدع ملك العماليق معه الجياد من الخيل، فعرف الموضع بجياد إلى هذا الوقت، فكانت على الجرهميين فافتضحوا، فسمي الموضع فاضحا إلى هذه الغاية، ثم اصطلحوا ونحروا الجزور وطبخوا، فسمي الموضع المطابخ إلى هذه الغاية، وصارت ولاية البيت إلى العماليق، ثم كانت لجرهم عليه، فأقاموا ولاة البيت نحو ثلاثمائة سنة، وكان آخر ملوكهم الحارث بن مضاض الأصغر بن عمرو بن الحارث بن مضاض الأكبر، وزاد في بناء البيت ورفعه عما كان من بناء إبراهيم٢ ... انتهى.

وقد أغرب المسعودي فيما ذكره من أن ملك جرهم حين قدموا إلى مكة: الحارث بن مضاض بن عمرو، فإن المعروف أن ملكهم إذ ذاك مضاض بن عمرو كما ذكر ابن إسحاق وغيره، وذكر المسعودي بعد ذلك ما يوافق ما ذكره ابن إسحاق.


١ في مروج الذهب: "هيني" وفي نسخة: "ظالم بن مجالة بن هي".
٢ مروج الذهب ٢/ ٤٦-٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>