السلام- بعد أن تزوج فلم يجده، ثم لبث إبراهيم -عليه السلام- ما شاء الله، ثم زاد إسماعيل -عليه السلام- ثانية فلم يجده، ثم لبث إبراهيم -عليه السلام- ما شاء الله تعالى، ثم جاء لبناء البيت. وهذا يقتضي أن يكون من بلوغ إسماعيل -عليه السلام- إلى بناء البيت مدة طويلة، فيكون سنة حين البناء أكثر من عشرين سنة١، والله أعلم. وقد بان بما ذكرناه بعد ذكرنا لخبر ابن عباس -رضي الله عنهما- سابق فوائد كثيرة تتعلق به، والله أعلم.
ذكر ذبح إبراهيم لإسماعيل عليهما السلام:
قال الفاكهي: وكان من حديث ذبح إسماعيل -عليه السلام- وقصته في ذلك ما أذكره الآن: حدثني عبد الملك بن محمد، عن زياد بن عبد الله، عن ابن إسحاق قال: حدثت -وعند الله العلم- أن إبراهيم -عليه السلام- أمر بذبح ابنه، قال: أي بني خذ يذكر له ما أمر به -فلما توجه به اعترضه إبليس عدو الله ليصده عن أمر الله -عز وجل- في صورة رجل، فقال: أين تريد أيها الشيخ؟ قال: أريد هذا الشعب لحاجة لي. فقال: والله إني لأرى الشيطان قد أتاك في منامك فأمرك أن تذبح ابنك هذا فأنت تريد أن تذبحه؛ فعرفه إبراهيم -عليه السلام- اعترض لإسماعيل -عليه السلام- وهو وراء أبيه يحمل الحبل والمدية، فقال: أيها الغلام، هل تدري أين يذهب بك أبوك؟ قال: نحتطب قال: فليفعل ما أمره به ربه سمعا وطاعة؛ فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى هاجر أم إسماعيل -عليه السلام- وهي في منزلها. فقال: يا أم إسماعيل، أتدرين أين ذهب إبراهيم بإسماعيل؟ قالت: ذهبا يحتطبان. فقال: ما ذهب إلا ليذبحه؛ فقالت: كلا إنه سلمنا لأمر الله؛ فرجع عدو الله بغيظه لم يصب منهم شيئا مما أراد، وقد منع الله منه إبراهيم وآل إبراهيم، وأجمعوا لأمر الله بالسمع والطاعة؛ فلما خلا إبراهيم -عليه السلام- في الشعب -ويقال ذلك إلى ثبير- قال له: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك. قال: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. قال: فحدثت أن
١ في رواية سابقة ذكرها الفاكهي: أن إبراهيم -عليه السلام- كان يزور هاجر وولدها إسماعيل كل شهر على البراق، يغدو غدوة فيأتي مكة، ثم يرجع فيقيل في منزله بالشام؛ فإذا أصحت هذه الرواية، فلا وجه لاستبعاد أن سن إسماعيل حين بناء الكعبة كانت لا تزيد على العشرين، ولعل هذا الخبر من الأساطير.