إسماعيل قال له عند ذلك: يا أبتاه إذا أردت ذبحي فاشدد رباطي لا يصيبك من دمي فينقص أجري؛ فإن الموت شديد ولا آمن أن أضطرب عنده إذا وجدت مسه، واشحذ شفرتك حتى تجهز علي فتذبحني، فإذا أنت أضجعتني فاكببني على جنبي، ولا تضجعني لشقي؛ فإني أخشى إن أنت نظرت إلى وجهي أن تدركك الرقة فتحول بينك وبين أمر ربك في، وإن رأيت أن ترد قميصي إلى أمي فإنه عسى أن يكون أسلى لها فافعل؛ فقال إبراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله، ويقال إنه ربطه كما أمره بالحبل فأوثقه، ثم شحذ شفرته، ثم تله للجبين واتقي النظر إلى وجهه، ثم أدخل الشفرة حلقه، فقلبها جبريل -عليه السلام- لقفاها في يده، ثم اجتذبها إليه، ونودي: أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فهذه ذبيحتك فداء لابنك فاذبحها دونه١.
قال ابن إسحاق: وحدثني الحكم بن عيينة، عن مجاهد، عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: أخرجه الله إليه من الجنة، قيل: رعى قبل ذلك أربعين خريفا.
ثم قال الفاكهي: قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم من أهل البصرة، عن الحسن أنه كان يقول: ما فدي إلا بتيس هبط عليه من الأروى هبط عليه من ثبير.
ثم قال الفاكهي: ويزعم أهل الكتاب وكثير من العلماء أن ذبيحة إبراهيم -عليه السلام- التي فدت بها إسماعيل -عليه السلام- كبش أملح أقرن أعين.
ثم قال الفاكهي: وحدثنا محمد بن سليمان قال: حدثنا قبيصة بن عقبة قال: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن هشيم، عن سعيد بن جبير، من ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: الكبش الذي ذبحه إبراهيم -عليه السلام- هو الكبش الذي قربه ابن آدم.
ثم روى الفاكهي بسنده عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الكبش الذي فدى به إسماعيل -عليه السلام- هو القربان المتقبل من أحد ابني آدم، ثم قال في هذا الخبر: فلم يزل ذلك الكبش محبوسا عند الله -عز وجل- حتى أخرجه في فداء إسماعيل -عليه السلام- فذبحه على هذه الصفة في ثبير عند منزل سمرة الصراف وهو على يمينك متى ترمي الجمار.
وذكر الفاكهي خبرا فيه ما يقتضي أن الذبح إبراهيم -عليه السلام- لفداء إسماعيل كان بين الجمرتين بمنى، وأن ذلك كان في زمن الحج؛ لأنه قال: وحدثنا عبد الله بن أبي سلمة قال: حدثنا ابن أبي الوزير والفضل بن خالد قالا: حدثنا محمد بن جابر قال: