حدثنا أبو إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي -رضي الله عنه: فذكر خبرا يأتي ذكره، ثم قال: وقال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه: ثم أوحى الله تعالى إليه ناد بالحج، فنادى عند كل ركن: حجوا يا عباد الله، فلبى كل شيء حتى النحلة؛ فكانت أول التلبية: لبيك اللهم لبيك، ثم أتاه، جبريل -عليه السلام- قبل يوم عرفة، فذهب به إلى منى فنزل بها وبات حتى أصبح غاديا إلى عرفات، ثم راح إلى الجبل الذي يفيض منه الناس فوقف به، ثم أراه الموقف، ثم خرج إلى "جمع"١ فبات بها ليلة جمع، ثم المواقف بعرفات؟ قال: لا فذهب به مرة أخرى فقال: اعرف؛ فمن ثم سميت عرفات العقبة فرماها بسبع حصيات، ثم قيل له: اذبح ما أمرت به، فدعا إسماعيل -عليه السلام- فقال: إني أمرت بذبحك؛ فقال له إسماعيل -عليه السلام: على ما أمرت به فإني سوف أطيعك. ولا أحسب إلا أنه قال: أخاف أن أجزع؛ فإن خفت فشد يدي وراء ظهري فإنه أجدر أن لا أضطرب، فوضعه لجنبه فجعل ينظر ويعرض، فقال له: أعرض وضع السكين، فوضعها فانقلبت، وناداه مناد من السماء أن قد وفيت بنذرك، وأرضيت ربك، اذبح الذي أنزل عليك، فنزل عليه كبش من ثبير فاضطرب الجبل، ثم جاء به يجري حتى نحوه بين الجمرتين ... انتهى.
وروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن الذبيح إسماعيل -عليه السلام.
وروى عنه مرفوعا ما يقتضي أن الذبيح إسحاق، ولفظ هذه الرواية بعد ذكر قصة تتعلق بإبراهيم -عليه السلام- في رمية الجمار: فلما أراد إبراهيم أن يذبح ولده إسحاق قال لأبيه: يا أبت أوثقني لا أضطرب فينضح عليك دمي إذا ذبحتني، فشده؛ فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه نودي من خلفه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا. نقل هاتين الروايتين، عن ابن عباس المحب الطبري وقال: أخرجهما الإمام أحمد.
وقال المحب: وعن العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قال: الذي أمر إبراهيم -عليه السلام- بذبحه إسحاق، وهكذا قالوا: كانت القصة بالشام. أخرجه مسعود، وكعب، ومقاتل، وقتادة، وعكرمة، والسدي، وقال آخرون: الذي أمر بذبحه إسماعيل -عليه السلام- وهو قول سعيد بن المسيب، والشعبي، والحسن، ومجاهد، وابن عباس -رضي الله عنهما- وفي رواية: عطاء، ثم قال المحب: وسياق الآية يدل على أنه إسحاق لأنه جل وعلا قال: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}[الصافات: ١٠١] . ولا