للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف أن هذا إسحاق، ثم قال: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} [الصافات: ١٠٢] ؛ فعطف بقصة الذبيح على ذكر إسحاق فدل على أنه هو ... انتهى. وذكر النووي ما يخالف ما نقله المحب الطبر عن الأكثرين في الذبيح؛ لأنه قال في "التهذيب": واختلف العلماء في الذبيح هل هو إسماعيل أو إسحاق، والأكثرون على أنه إسماعيل١ ... انتهى.

وممن رجح أن الذبيح إسماعيل "الفاكهي" في كتاب "أخبار مكة" لأنه قال: وقد قال الناس في الذبيح ما قالوا. فقالت العرب هو إسماعيل. وقالت طائفة من المسلمين وأهل الكتاب جميعا: إنه إسحاق؛ فإن أقوال العرب في ذلك أثبت. واستدل الفاكهي على ذلك بما معناه أن الله تعالى عبر عن قصة إسماعيل بقوله: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ} [الصافات: ١٠١] إلى قوله: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِين} [الصافات: ١١] وأخبر عن قصة إسحاق -عليه السلام- بقوله {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات: ١١١، ١١٢] . وإن ذكر قصة إسحاق بعد التي قبلها دليل على أن إسحاق -عليه السلام- غير الذبيح، وأن ذلك يتأيد بكون سارة بشرت بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، ويعقوب هو ابن إسحاق والبشارة بيعقوب تقتضي حياة أبيه لتصح البشرى، فكيف يؤمر بذبح ابنه٢؟

ونقل أن الذبيح إسماعيل -عليه السلام- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من رواية مجاهد عنه، ومن رواية عكرمة عنه، وعن مجاهد نفسه وعن سعيد بن المسيب، وعن سعيد بن جبير، وعن أبي الخلد، وعن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- ولفظ ما نقل عنه، قال: كنا نقرأ في كتاب اليهود أنه إسماعيل، وعن محمد بن كعب القرظي، وعن سعيد بن جبير، وعن الحسن، وذكر في ذلك شعر لأمية بن أبي الصلت الثقفي حيث يقول:

ولإبراهيم الموفي بالنذر ... احتسابا وحامل الأجزال٣

بكره لم يكن ليبصر عنه ... لو رآه معشر إقبال

بينما يخلع السراويل عنه ... فكه ربه بكبش حلال

ثم قال الفاكهي: قال ابن إسحاق -عليه السلام- في حديثه: فحقق قول أمية بن أبي الصلت في شعره أن الذي أمر بذبحه إبراهيم من ولده بكره، وبكره إسماعيل، وهو أكبر من إسحاق في علم الناس كلهم! العرب من بني إسماعيل وأهل الكتاب٤ ... انتهى.


١ تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ١: ١١٦.
٢ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٢٦.
٣ الأجزال جمع جزل؛ أي الأحمال.
٤ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>