عمرو بن قيس بن غيلان؛ فكان آخر من ولي ذلك منهم: أبو سيارة عميلة بن الأعزل بن خالد بن سعد الحارث، فكان إذا أراد أن يفيض بالناس غداة جمع قال: الجلعد، يا صاحب الحمار الأسود، على ما تحسد، مهلا صاحب الأتون الجلعد، اللهم أكف أبا سيارة الحسد، ثم يفيض بالناس، فقال قائل:
نحن دفعنا عن أبي سيارة ... وعن مواليه بني فزارة
حتى أفاض محرما حماره ... مستقبل القبلة يدعو جاره
وكان يقال: أصح من حمار أبي سياره.
قال أبو الحسن الأثرم: قال أبو عبيد: أظنه كان سمينا.
وقال: قال محمد بن الحسن: عاش حمار أبي سيارة أربعين سنة، لا يصيبه فيها مرض؛ فيقال: أصح من غير أبي سيارة ... انتهى.
وذكر الزبير بن بكار فيما نقل عنه الفاكهي ما يستغرب في نسب أبي سيارة، وفي انتقال الإجازة من صوفة إلى عدوان؛ لأنه قال: فأما الزبير بن أبي بكر قال: فلم تزل الإجازة إلى عقب صوفة حتى أخذتها عدوان؛ فلم تزل في عدوان حتى أخذتها قريش، ثم كان الحج مختلفا؛ فكانت قريش تدفع بمن معها من المزدلفة، وكان أبو سيارة يدفع بقيس من عرفة، وأبو سيارة من بني عبد بن معيص بن عامر بن لؤي، وقيس أخواله ... انتهى.
وإنما كان هذا مستغربا لأنه يقتضي أن أبا سيارة من قريش، والمعروف أنه من عدوان كما ذكر الزبير -فيما سبق- وغيره من أهل الأخبار، ولأنه يفهم أن الإجازة صارت من صوفة إلى عدوان، والمعروف أن صوفة لم يزالوا يجيزون بالناس من عرفة حتى جاء الإسلام، وأن آخر من أجاز منهم: كرب بن صفوان، على ما ذكر ابن إسحاق وغيره.
وأما ما في هذا الخبر من أن قريشا أخذت من عدوان الإجازة؛ فكأنه أشار بذلك إلى ما وقع لقضي من أخذ ذلك من عدوان وصوفة، ثم ترك ذلك قصي لأنه كان يراه دنيئا.
وذكر الفاكهي من خبر أبي سيارة، وخبر الإفاضة من عرفة ومزدلفة غير ما سبق، فاقتضي ذلك ذكره؛ لأنه قال: وحدثني أحمد بن سليمان، قال: حدثنا زيد بن مبارك، قال: حدثني أبو ثور، عن ابن جريج، قال: قال مولى ابن عباس -رضي الله عنهما: وكانت الحمس من عدوان، قال: وكانوا يقومون بالمزدلفة حتى يدفعوا هم، ومن يعرف