للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستحل العرب قتالكم، ولا يستطيعون إخراجكم منه، وتسكنوه فتسودون العرب أبدا١.

فقالوا: أنت سيدنا، رأينا لرأيك تبع.

فجمعهم، ثم أصبح بهم في الحرم حول البيت؛ فمشت إليه أشراف كنانة، وقالوا: إن هذا عند العرب عظيم، ولو تركناك ما تركتك العرب؛ فقال: والله لا أخرج منه، فثبت، وحضر الحج؛ فقال لقريش: قد حضر الحج، وقد سمعت العرب بما قد صنعتم، وهم لكم معظمون، ولا أعلم مكرمة عند العرب أعظم من الطعام، فليخرج كل إنسان منكم من ماله خرجا، ففعلوا، فجمع من ذلك شيئا كثيرا.

فلما جاء أوائل الحاج نحر على كل طريق من طرق مكة جزورا، ونحر بمكة، وجعل حظيرة؛ فجعل فيها الطعام من الخبر والثريد واللحم، فمن مر باللحم والثريد أكل، ومن قدم دخل الحظيرة فأكل، وسقى الماء واللبن المحض، ثم صدروا على مثل ذلك، فصدر روادهم وهم يقولون:

إن الحجيج طاعمين دسما ... عن الحسا مستحقين ... ٢

أشبعهم زيد قصي لحما ... ولبنا محضا وخبزوا هشما

ولم يكن بنو عامر بن لؤي ترفد مع قريش شيئا ... انتهى.

وزيد: اسم قصي على ما ذكر الزبير؛ لأنه قال: كان اسم قصي: زيدا؛ وإنما سمي قصيا لأنه يقصي عن مكة، وخرجت به أمه منها إلى غيرها.

وذكر الزبير عن قصي أخبارا غير ما سبق، وذكر أنه قال فيما رويناه عنه: حدثني أبو الحسن الأثرم، عن عبيدة، قال: كان قصي يلي الرفادة، ويسقي الحاج اللبن والزبيب.

وقال الزبير: قال أبو الحسن الأثرم: قال أبو عبيدة: حدثنا خالد بن أبي عثمان، قال: كان قصي أول من ثرد الثريد؛ فأطعم بمكة، وسقى اللبن بعد نابت بن إسماعيل فقال قائل: ولم يسموه هاشما:

أشبعهم زيد قصي لحما ... ولبنا محضا وخبزا هشما

وقال الزبير: حدثني عمر بن أبي بكر الموصلي، عن عبد الحكيم بن سفيان بن أبي نمر قال: لما ولد لقصي أول ولد سماه عبد مناة، ثم نظر؛ فإذا هو موافق لاسم عبد مناة بن كنانة؛ فأحاله إلى عبد مناف٣ بن كنانة؛ وإنما سمي عبد الدار لأنه حين هدم


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ١٧٠، والعقد الثمين ١/ ١٣.
٢ هكذا في الأصل.
٣ كان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه، وذهب شرفه كل مذهب ولم يبلغ أحد من أولاد قصي ما بلغ عبد مناف من الذكر والشرف والعز.

<<  <  ج: ص:  >  >>