للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الزبير: حدثني عمر بن أبي بكر الموصلي، عن عبد الحكم بن سفيان بن أبي نمر، قال: كان أبو غبشان الخزاعي يلي البيت، وكان هو وقصي بمكة، فتحالفا على أن لا يبغي أحدهما على صاحبه، ثم ابتاع قصي المفتاح؛ فقدم مكة؛ فقال لقومه: هذا مفتاح بيت أبيكم إسماعيل، قد رده الله تعالى عليكم من غير ولا ظلم؛ فلما أفاق أبو غبشان ندمه قومه، وعابوا عليه ما صنع، فجحد البيع؛ فقال: إنما رهبته عنده رهنا بحقه. فقال الناس: أخسر من صفقة أبي غبشان. فذهبت مثلا.

ووقعت الحرب بين قصي وبين غبشان، وقومهما قريش وخزاعة، فذلك قول الشاعر:

أبو غبشان أظلم من قصي ... وأظلم من بني فهر خزاعة

فلا تلحوا قصيا في شراه ... ولوموا شيخكم إن كان باعه١

وذكر الفاكهي الخبر الذي رواه الزبير عن الموصلي، ووقع في الخبر الذي ذكره الفاكهي عن الزبير فائدتان لا يفهمان من الخبر الذي نقلناه عن الزبير من كتابه.

إحداهما: أن اشتراء قصي من أبي غبشان لمفتاح البيت كان بالطائف.

والأخرى: أنه اشترى ذلك بزق خمر.

وذكر الفاكهي أن الذين قدم بهم رزاح لنصر أخيه قصي كانوا ثلاثمائة رجل، روى ذلك الفاكهي بسنده عن كرامة بنت المقداد بن عمرو الكندي، المعروف بالمقداد الأسود، عن أبيها.

وذكر الفاكهي أيضا ما يقتضي أن قدوم رزاح على أخيه قصي، كان بعد أن نفى خزاعة، والمعروف أن قصي لم يقاتل خزاعة إلا بعد أن قدم عليه أخوه رزاح.

وفي الخبر الذي فيه ما ذكرناه من قدوم رزاح على أخيه بعد نفي خزاعة شيئًا من خبر قصي لم يسبق له ذكر، فحسن ذكره لما في ذلك من الفائدة. ونصه على ما في كتاب الفاكهي.

حدثنا الزبير بن أبي بكر، قال: قال أبو الحسن الأثرم، قال أبو عبيدة: قال محمد بن حفص: قدم رزاح وقد نفي قصي خزاعة، وقال بعض مشيخة قريش: إن مكة لم يكن بها بيت في الحرم؛ إنما كانوا يكونون بها حتى إذا أمسوا خرجوا، لا يستحلون أإن يصيبوا فيها جناية، ولم يكن بها بيت قائم؛ فلما جمع قصي قريشا- وكان أدهى من رؤي في العرب- قال لهم: أرى أن تصبحوا بأجمعكم في الحرم حول البيت، فوالله لا


١ مروج الذهب ٢/ ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>