للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الفاكهي في وفاة ابن جدعان هذا خبرا غريبا؛ لأنه قال في الترجمة التي ترجم عليها بما نصه: "ذكر موت أهل الشرف من قريش، بمكة ومراثيهم"، ثم هلك عبد الله بن جدعان بن عمرو التيمي، فبكته الجن والإنس، فأما بكاء الجن: فحدثني إبراهيم بن يوسف المكي، قال: حدثنا إسماعيل بن زياد، عن ابن جريج قال: إن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- كان يحدث أن النباش بن زرارة التميمي -وكان حليفا لقريش- قال: خرجنا إلى الشام تجارا في الجاهلية وعبد الله بن جدعان صبي حين خرجنا؛ فلما سرنا نحوا من خمس عشرة ليلة، نزلنا ذات ليلة واشتهينا أن نصبح بذلك المكان. قال: فقام أصحابي، وأصابني أرق شديد، فإذا هاتف يهتف يقول:

ألا هلك الهلوك غيث بن فهر ... وذو العز والمج التليد وذو الفخر

قال:

فأجبته فقلت:

ألا أيها الناعي أخا المجد والذكر ... من المرء تنعاه لنا من بني فهر؟

فأجابه الهاتف فقال:

نعيت ابن جدعان بن عمرو أخا الندى ... وذا الحسب المعدود والمنصب الفخر

قال: فأجبته فقلت:

لعمري لقد نوهت بالسيد الذي ... له الفضل معلوم على ولد النضر

فأخبرنا أنا علمت وفاته ... فإنك قد أخبرت جلا من الأمر

فأجابه الهاتف فقال:

مررت بنسوان يخمشن أوجها ... عليه صياحا بين زمزم والحجر

قال فأجبته فقلت:

متى إنما عهدي به منذ جمعة ... وستة أيام لغرة ذا الشهر

قال: فأجابه الهاتف فقال:

ثوى منذ أيام ثلاث كوامل ... مع الصبح أو في الصبح في وضح الفجر

قال: فاستيقظ الرفقة وهي تتراجع بنعي ابن جدعان، وقالوا: إن كان أحد نعي لعز وشرف فقد نعي ابن جدعان؛ فقال الجني:

أرى الأيام لا تبقي عزيزا ... لعزته ولا تبقي ذليلا

فأجبته فقلت:

ولا تبقي من الثقلين حيا ... ولا تبقي الجبال ولا السهولا

<<  <  ج: ص:  >  >>