للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن هشام: كان اللوح من رخام، وكان فيه: أنا ثعلبة بن عبد المدان بن خشرم بن عبد يا ليل بن جرهم بن قحطان بن هود نبي الله، عشت خمسمائة عام، وقطعت غور الأرض باطنها وظاهرها في طلب الثروة والمجد والملك؛ فلم يكن ذلك ينجيني من الموت، وتحته مكتوب:

قد قطعت البلاد في طلب الثر ... وة والمجد قالص١ الأثواب

وسريت البلاد قفرا لقفر ... بضماني٢ وقوتي واكتسابي

فأًصاب الردى بنات فؤادي ... بسهام من المنايا صباب

فانقضت شدلي وأقصر جهلي ... واسترحت عواذلي عن عتاب

ودفعت السعادة بالحكم لما ... نزل الشيب في محل الشباب

صاح هل رأيت أو سمعت براع ... در في الضرع ما قرى في الحلاب

وإذا في وسط البيت كوم عظيم من الياقوت واللؤلؤ والذهب والفضة والزبرجد فأخذ منه ما أخذ، ثم علم على الشق بعلامة، وأغلق بابه بالحجارة، وأرسل إلى أبيه بالمال الذي خرج به يسترضيه ويستعطفه، ووصل عشيرته كلهم فسادهم، وجعل ينفق من ذلك الكنز ويطعم الناس ويفعل المعروف.

وذكر حديث كنز ابن جدعان موصلا بحديث الحارث بن مضاض: ابن هشام في غير هذا الكتاب: ووقع لنا في كتاب "ري العاطش وأنس الواحش" لأحمد بن عمار، أن ابن جدعان حرم في الجاهلية، بعد أن كان مغرى بها؛ وذلك أنه سكر فتناول القمر ليأخذه، فأخبر بذلك حين صحا، فحلف لا يشربها أبدا، ولما كبر وهرم أراد بنو تيم أن يمنعوه من تبذير ماله، ولاموه في العطاء فكان يدعو الرجل، فإذا دنا منه لطمه لطمة خفيفة ثم قال: قم فانشد لطمتك، واطلب ديتها؛ فإذا فعل ذلك أعطته بنو تيم من مال ابن جدعان حتى يرضى ... انتهى من كتاب السهيلي٣.

وذلك جميع ما ذكرناه من خبر ابن جدعان خلا ما ذكرناه من خبره عن ابن الكلبي.

وفي مسلم أن عائشة -رضي الله عنها- قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ابن جدعان كان يطعم الطعام، ويقري الضيف؛ فهل ينفعه ذلك يوم القيامة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "لا، إنه لا يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين" ٤ ... انتهى.


١ قالص الأثواب: القصير منها.
٢ كاذ في الأصل، وفي الروض الأنف ١/ ١٥٩: "بقائي".
٣ الروض الأنف ١/ ١٥٨-١٦٠.
٤ أخرجه مسلم "الإيمان، ٣٦٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>