للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليدخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش، وعهدها فليدخل فيه، فدخلت بنو بكر في عقد قريش، ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم١.

قال ابن إسحاق: فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة، وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأرا بأولئك النفر الذين أصابوا منهم من بني الأسود بن رزن؛ فخرج نوفل بن معاوية الديلي في بني الديل، وهو يومئذ قائدهم، وليس كل بني بكر تابعه حتى أتى خزاعة وهم على الوتير -ماء لهم- فأصابوا رجلا منهم، وتحاوزوا واقتتلوا، ورفدت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا، حتى حازوا خزاعة إلى الحرم؛ فلما انتهوا إلى الحرم، فلما انتهوا إلى الحرم قالت بنو بكر: يا نوفل، إنا قد دخلنا الحرم؛ إلهك، فقال كلمة عظيمة: لا إله له اليوم، يا بني بكر أصيبوا ثأركم؛ فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تصيبون ثأركم فيه؟ وقد أصابوا منهم ليلة بيتوهم بالوتير رجلا يقال له منبه، وكان منبه رجلا معوزا٢ خرج هو ورجل من قومه يقال له تميم بن أسد؛ فقال منبه: يا تميم انج بنفسك، فأما أنا هوالله إني لميت، قتلوني أو تركوني. لقد أنبت فؤادي٣. فانطلق تميم فأفلت، وأدركوا منبها فقتلوه، فلما دخلت خزاعة مكة لجئوا إلى بديل بن ورقاء، ودار مولى لهم يقال له: رافع، فقال تميم بن أسد يعتذر من فراره عن منبه، فذكر أبياتا له أولها:

لما رأيت بني نقاثة أقبلوا ... يغشون كل وتيرة وحجاب

الأبيات.

وذكر أيضا أبياتا للأخزر بن لعط الديلي، وأبياتا لبديل بن عباد، ويقال له: بديل بن حزم، وبيتين لحسان بن ثابت.

ثم قال ابن إسحاق: فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة، وأصابوا منهم ما أصابوا، ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق بما استحلوا من خزاعة، وكانوا في عقده وعهده، خرج عمرو بن سالم الخزاعي، ثم أحد بني كعب، حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان في ذلك مما هاج فتح مكة؛ فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس، فقال:

يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

قد كنتم ولدا وكما والدا ... ثم أسلمنا فلم ننزع يدا


١ السيرة لابن هشام ٤/ ٢٤، وتاريخ الطبري ٤/ ١٥٢.
٢ كذا في الأصل، وفي السيرة هشام ٤/ ٢٥: "مفؤودا" أي ضعيف الفؤاد.
٣ "أنبت فؤادي" أي انقطع. والبيت: القطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>