إلى أصحاب بدر يوم بدر؛ فقال:"اعلموا ما شئتم، فقد غفرت لكم"؛ فأنزل الله تعالى في حاطب:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إلى قوله: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}[الممتحنة: ١-٤] إلى آخر القصة١.
قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره، واستخلف علي المدينة أبا رهم كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري -رضي الله عنه. وخرج لعشر مضين من شهر رمضان، فصام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصام الناس معه؛ حتى إذا كانوا بالكديد -بين عسفان وأمج- أفطر. ثم مضى حتى نزل مر الظهران، في عشرة آلاف من المسلمي؛ فصحت معهم، وبعضهم يقول: ألفت سليم وألفت مزينة، وفي كل القبائل عدد وإسلام، وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والأنصار؛ فلم يتخلف عنه صلى الله عليه وسلم، منهم أحد؛ فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران، وقد عميت الأخبار عن قريش، فلا يأتيهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدرون ما هو فاعل؟ وخرج في تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، يتجسسون الأخبار، وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعون به، وقد كان العباس بنعبد المطلب -رضي الله عنه- لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق- قال ابن هشام: لقيه بالجحفة مهاجرا بعياله، وقد كان قبل ذلك مقيما بمكة على سقايته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم عنه راض، فيما ذكره ابن شهاب الزهري.
ثم قال ابن إسحاق بعد أن ذكر خبر إسلام أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أمية بن المغيرة المخزومي، وشعرا لأبي سفيان في إسلامه: ولما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران، قال العباس بن عبد المطلب -رضي الله عنه- فقلت: واصباح قريش، والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قبل أن يأتوه فيستأمنوه، إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر، قال: فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء، فخرجت عليها، حتى جئت الأراك فقلت لعلي أجد بعض الحطابة، أو صاحب لبن، أو ذا حاجة يأتي مكة فخرجهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه، قبل أن يدخلها عليهم عنوة. قال: فوالله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له؛ إذ سمعت كلام أبي سفيان، وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان. وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا. قال: يقول بديل: هذه والله خزاعة حمشتها الحرب، قال: يقول أبو سفيان