للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها"، فتجهز الناس، فقال حسان بن ثابت -رضي الله عنه- بحرض الناس ويذكر مصاب رجال خزاعة:

عناني ولم أشهد ببطحاء مكة ... رجال بين كعب تحز رقابها

بأيدي رجال لم يسلوا سيوفهم ... وقتلى كثير لم تجن ثيابها

ألا ليت شعري هل تنالن نصرتي ... سهيل بن عمرو حرها١ وعقابها

وصفوان عودا خر من شعر إسته ... فهذا أوان الحرب شد عصانها

ولا ناسيا يا ابن أم مجالد ... إذا اختلفت صرفا وأعضل نابها

ولا تجزعوا منا فإن سيوفنا ... لها وقعة بالموت يفتح بابها

قال ابن هشام: قول حسان:

بأيدي رجال لم يسلوا سيوفهم

يعين قريشا، وابن أم مجالد عكرمة بن أبي جهل٢.

قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قال: لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة، كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم، ثم أعطاه امرأة -يزعم محمد بن جعفر أنها من مزينة، وزعم لي غيره: أنها سارة، مولاة لبني عبد المطلب- وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا؛ فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها، ثم خرجت به، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام -رضي الله عنهما- فقال: أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش، يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم، فخرجا حتى أدركاها بالخليفة -خليفة بني أحمد فاستنزلاها بالخليفة، فالتمساه في رحلها؛ فلم يجدا شيئا، فقال لها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا كذبنا، ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك. فلما رأت الجد منه قالت: أعرض عني، فأعرض، فحلت قرون رأسها، فاستخرجت الكتاب منها، فدفعته إليه، فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا فقال: "يا حاطب ما حملك علي هذا؟ " فقال: يا رسول الله، أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله، ماغيرت ولا بدلت، ولكني كنت أمرا ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد أهل، فصانعتهم عليهم. فقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه: يا رسول الله دعني فلأضربن عنقه، فإن الرجل قد نافق. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع


١ في السيرة لابن هشام ٤/ ٨٧: "وخزها".
٢ السيرة لابن هشام ٤/ ٨٤-٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>