للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس؛ فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: والله يا بنية لقد أصابك بعدي شر. ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا. ثم ذهب إلى أبي بكر -رضي الله عنه- فكلمه أن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أنا بفاعل، ثم أتى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فكلمه؛ فقال: أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به. ثم خرج فدخل على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندها حسن بن علي -رضي الله عنه، غلام يدب بين يديها؛ فقال: يا علي إنك أمس القوم بي رحما، وإني قد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا، فاشفع لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ويحك يا أبا سفيان، والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه. فالتفت إلى فاطمة -رضي الله عنها- فقال: يا بنت محمد، هل لك أن تأمري بنيك هذا أن يجير بين الناس، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟. قالت: والله ما بلغ بني ذلك وأن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت علي بين الناس، ثم الحق بأرضك. قال: أو ترى ذلك مغنيا على شيئا؟ قال: لا، والله ما أظنه؛ ولكني لا أجد لك غير ذلك، فقام أبو سفيان في المسجد، وقال: أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره، فانطلق؛ فلما قدم على قريش قالوا: ما وراءك؟ قال: جئت محمدا فكلمته فوالله ما رد على شيئا، ثم جئت ابن أبي قحافة -رضي الله عنه- فلم أجد فيه حدا، ثم جئت أبن الخطاب -رضي الله عنه- فوجدته أدنى العدو.

ثم قال ابن هشام: أعدى العدو.

قال ابن إسحاق: قال: ثم أتيت عليا -رضي الله عنه- فوجدته ألين القوم، وقد أشار علي بشيء صنعته، فوالله ما أدري هل يغني شيئا، أم لا؟ قالوا: وبم أمرك؟ قال: أمرني أن أجير بين الناس، ففعلت. قالوا: فهل أجاز ذلك لك محمد؟ قال: لا، قالوا: يلك، والله أن زاد الرجل على أن لعب بك، فما يغني عنك ما قلت: قال: لا والله لا وجدت غير ذلك.

وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز، فأمر أهله أن يجهزوه، فدخل أبو بكر -رضي الله عنه- على ابنته عائشة -رضي الله عنها- وهي تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أي بنية أأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهزوه؟ قالت: نعم، فتجهز. قال -رضي الله عنه: فأين ترينه يريد؟ قالت -رضي الله عنها: لا والله ما أدري. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالتهيؤ والجد: وقال: "اللهم خذ العيون

<<  <  ج: ص:  >  >>