للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس فرسا في زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالأبطح، فقتلها. وأما الحويرث بن نقيذ فقتله علي بن أبي طالب -رضي الله عنه.

قال ابن إسحاق: وحدثني سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب أن أم هانئ بنت أبي طالب -رضي الله عنها- قالت: لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة، فر إلي رجلان من أحمائي من بني مخزوم -وكانت عند هبيرة بن أبي وهب المخزومي- قالت: فدخل علي علي بن أبي طالب أخي، فقال: والله لأقتلنهما، فأغلقت عليهما باب بيتي، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، فوجدته يغتسل من جفنة، وإن فيها لأثرا لعجن، وفاطمة ابنته تستره بثوبه؛ فلما اغتسل صلى الله عليه وسلم أخذ ثوبه فتوشح به. ثم صلى ثمان ركعات في الضحى، ثم انصرف إلي، فقال: "مرحبا وأهلا بأم هانئ، ما جاء بك؟ " فأخبرته خبر الرجلين، وخبر علي -رضي الله عنه- فقال صلى الله عليه وسلم: "قد أجزنا من أجرت، وأمنا من أمنت، فلا يقتلهما".

قال ابن هشام: هما الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة.

قال ابن إسحاق: وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن صفية بنت شيبة قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة، واطمأن الناس، خرج حتى جاء البيت، فطاف به وسعى على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده؛ فلما قضي طوافة، دعا عثمان بن طلحة، فأخذ منه مفتاح الكعبة، ففتحت له فدخلها، فوجد فيها حمامة من عيدان، فكسرها بيده، ثم طرحها، ثم وقف على باب الكعبة، وقد استكف له الناس في المسجد.

قال ابن إسحاق: فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على باب الكعبة، فقال: "لاإله إلا الله وحده، لا شريك له، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة، أو دم، أو مال، يدعى به؛ فهو تحت قدمي هاتين، إلا سدانة البيت، وسقاية الحاج، ألا وقتيل الخطأ شبه العمد السوط والعصا؛ ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، يا معشر قريش، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتعظمها بالآباء، الناس من آدم، وآدم من تراب". ثم تلا صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: ١٣] الآية كلها. ثم قال صلى الله عليه وسلم "يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل فيكم؟ " قالوا: خيرا أخ كريم وابن أخ كريم. قال: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد؛ فقام إليه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ومفتاح الكعبة في يده، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، اجمع لنا الحجابة مع السقاية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين عثمان بن أبي طلحة؟ " فدعي له، فقال صلى الله عليه وسلم "هاك مفتاحك يا عثمان، إن اليوم يوم بر ووفاء".

<<  <  ج: ص:  >  >>