فقال: أنا أشفع لكم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به ... انتهى.
ومخالفة هذا لما ذكره ابن عقبة ظاهرة؛ لأن ابن عقبة جعل جواب أبي بكر جواب عمر الذي ذكره ابن إسحق وإن اختلف لفظهما، فالمعنى واحد. وجعل جواب عمر -رضي الله عنه- غير ما ذكره ابن إسحق، والله أعلم بالصواب.
وذكر الفاكهي خبرًا فيه ما يدل لما ذكره ابن عقبة من جواب عمر لأبي سفيان -رضي الله عنه١.
ومنها: أن كلام ابن إسحق يقتضي أن أبا سفيان بعد جواب عمر -رضي الله عنه- له لما ذكره، سأل عليًا بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يجير بين الناس، وأن عليًا -رضي الله عنه- أجابه بعد الاستطاعة، وأن أبا سفيان سأل بعد ذلك فاطمة الزهراء ابنة النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تأمر ابنها الحسن بن علي -رضي الله عنه- أن يجير بين الناس، وأن فاطمة -رضي الله عنها- أجابته أن ابنها ما بلغ أن يجير بين الناس، وما أحد يجير على رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ وذلك يخالف ما ذكره ابن عقبة؛ لأنه قال بعد ذكره لجواب عمر -رضي الله عنه- بما سبق: ثم دخل على عثمان -رضي الله عنه- فقال عثمان -رضي الله عنه: جواري في جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ثم أتبع أشراف قريش والأنصار فكلمهم، فكل يقول: عقدنا في عقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فلما أيس مما عندهم دخل على فاطمة ابنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكلمها، فقالت: إنا أنا امرأة؛ وإنما ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم. قال: فأمري أحد ابنتيك، فقالت: إنهما صبيان ليس مثلهما يجير. قال: فكلمي عليًا، قالت: أنت تكلمه، فكلم عليًا -رضي الله عنه، فقال: يا أبا سفيان، إنه ليس أحد من أصحاب رسول الله يقتات على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
بجوار ... انتهى.
ووجه مخالفة هذا لما ذكره ابن إسحق أنه يقتضي أن أبا سفيان -رضي الله عنه- كلم عثمان، ثم أشراف قريش، والأنصار، ثم فاطمة -رضي الله عنها، أن يجيروا قبل أن يكلم عليًا في ذلك، وكلام ابن إسحاق يقتضي خلافه، والله أعلم.
وذكر الفاكهي خبرًا فيه ما يدل لما ذكره ابن عقبة من سؤال أبي سفيان لفاطمة -رضي الله عنها، فيما يصلح به الإصلاح بين الناس.
ومنها: أن الفاكهي ذكر خبرًا يوهم أن أبا سفيان لم يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-
فيما جاء له من تجديد الحلف والإصلاح بين الناس؛ لأنه قال: حدثنا محمد بن إدريس بن عمر من كتابه، قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن عكرمة ...