للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما أنت مستطلع؛ فوالله لا نسلمهم. فرجع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره الخبر، فأنشأ حينئذ يتجهز لنصر حلفاته١.

ومنها: أن ابن سعد ذكر أنه خرج مع عمرو بن سالم الخزاعي لإعلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بفعل كنانة، فيهم أربعون راكبًا؛ وذلك لا يفهم من كلام ابن إسحق؛ لأنه قال: فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة، وأصابوا منهم ما أصابوا، ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من العهد والميثاق، بما استحلوا من خزاعة، كانوا في عقد وعهده، خرج عمرو بن سالم الخزاعي -أحد بني كعب- حتى قدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ... انهى.

وكلام ابن سعد رويناه في "السيرة" لابن سيد الناس؛ لأنه قال: بعد أن ذكر كلام ابن إسحاق هذا بعد قوله: خرج عمرو بن سالم الخزاعي، قال ابن سعد: في أربعين راكبًا، قال ابن سيد الناس بعد ذكره لقول ابن إسحق فيما بعد: "ثم خرج بديل بن ورقاء وبمظاهرة قريش بنى بكر عليهم ... انتهى.

قلت: لعل الأربعين راكبًا الذين ذكر ابن سعد قدومهم من خزاعة مع عمرو سالم هو هؤلاء ... انتهى٢.

ومنها: أن ابن عقبة ذكر في جواب أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- لأبي سفيان بن حرب -رضي الله عنه- حين سألهما أن يكلما له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما جاء له -غير ما ذكره ابن إسحق؛ لأنه -أعني ابن عقبة- قال: فخرج -يعنى أبو سفيان- من عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فأتي أبا بكر -رضي الله عنه- فقال: جدد العقد، وزد في المدة؛ فقال أبو بكر -رضي الله عنه- جواري في جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم، والله لو وجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم. ثم خرج فأتي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فكلمه؛ فقال عمر -رضي الله عنه: ما كان من حلفنا جديدًا فأخلقه الله، وما كان منه متينًا قطعه الله، وما كان منه مقطوعًا فلا وصله الله. فقال أبو سفيان: جزاك الله من ذي رحم شرًا ... انتهى.

وإنما كان هذا مخالفًا لما ذكره ابن إسحق من جواب أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- لأبي سفيان؛ لأنه قال: ثم خرج -يعني أبو سفيان- حتى أتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكلمه، فلم يرد عليه شيئًا، ثم ذهب إلى أبي بكر -رضي الله عنه- فكلمه في أن يكلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم. فقال: ما أنا لفاعل، ثم أتي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فكلمه


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ٢٠٧.
٢ عيون الأثر: ٢/ ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>