للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر البخاري ما يوافق ما ذكره ابن عقبة، من أخذ حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان، وحكمي، وبديل؛ لأنه قال: "باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟ ": حدثني عبيد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه قال: لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبلغ ذلك قريشا، خرج أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مر الظهران، فإذا هم بنيران كأنها نيران عرفة؛ فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفة؟ فقال بديل بن ورقاء: نيران بن عمرو، فقال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك؛ فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم، فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم١ ... انتهى باختصار.

ومنها: أن كلام ابن إسحاق يوهم أن حكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء، لم يحضرا مع أبي سفيان عند النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران، لقوله بعد أن ذكر ركوب أبي سفيان خلف العباس -رضي الله عنه: ورجع صاحباه، وكلام ابن عقبة يقتضي أنهما حضرا مع أبي سفيان عند النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران؛ لأنه قال تلو قوله: فادخلوا، فأسلموا، فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمكثوا عنده عامة الليل يحادثهم ويسألهم، ثم دعاهم إلى الإسلام؛ فقال: "اشهدوا أن لا إله إلا الله" فشهدوا، ثم قال: "اشهدوا أني محمد رسول الله"؛ فشهد حكيم وبديل -رضي الله عنه- انتهى.

وذكر ابن عقبة في هذا الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمن من دخل دار حكيم بن حزام، قال: ودار حكيم بأسفل مكة ... انتهى. ولعلها بالموضع المعروف بالحزامية، بقرب الخزورة، والله أعلم.

ومنها: أن كلام ابن إسحاق يقتضي أن أبا سفيان إنما أسلم في صبيحة الليلة التي حضر فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم إن لا إله إلا الله؟ " إلى أن قال: فشهد شهادة الحق وأسلم ... انتهى.

وذكر ابن عقبة ما يوافق ذلك؛ لأنه قال: فلما نودي للصلاة تبادر الناس ففزع أبو سفيان؛ فقال للعباس -رضي الله عنه: ما تريدون؟ قال: الصلاة، ورأى الناس يتلقون وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما رأيت ملكا قط كالليلة، ولا ملك كسرى، ولا ملك قيصر، ولا بني الأصفر٢؛ فسأل العباس -رضي الله عنه- أن يدخله على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخله، فقال: يا محمد قد استنصرت إلهي، واستنصرت إلهك، فوالله ما لقيتك من


١ أخرجه البخاري "٤٢٨٠".
٢ بنو الأصفر: وهم الروم وملكهم هو القيصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>