للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن كلام ابن إسحاق موهم في بيان الموضع الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام أن يدخل منه إلى مكة يوم فتحها؛ لأنه قال: وحدثني ابن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذي طوى، أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كداء ... انتهى.

ووجه الإبهام في كلام ابن إسحاق أنه لم يقل كداء التي أمر الزبير بالدخول منها بأعلى مكة، ولا بأسفلها، ولم يقل مثل ذلك في كدي التي أمر سعد بالدخول منها التي بأسفل مكة؛ فهو مخالف لما ذكره ابن عقبة؛ لأنه قال: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم، وأمره أن يدخل من كدي من أعلى مكة، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم رايته، وأمره أن يغرزها بالحجون، ولا يبرح حيث أمره أن يغرزها، حتى يأتيه ... انتهى.

ومنها: أن هشام ذكر أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سمع سعد بن عبادة حين قال:

اليوم يوم الملحمة ... اليوم تستحل الحرمة

وأن عمر -رضي الله عنه- أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: وما نأمن أن يكون له في قريش صولة١.

وذكر الأموي ما يخالف ذلك؛ لأن الحافظ أبا الفتح ابن سيد الناس قال فيما أخبرت به عنه: وقال الأموي: وكانت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بيد سعد بن عبادة؛ فلما مر بها على أبي سفيان -وكان قد أسلم أبو سفيان- فقال سعد إذ نظر إليه:

اليوم يوم الملحمة ... اليوم تستحل الحرمة

اليوم أذل الله قريشا، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة الأنصار، حتى إذا حاذى أبا سفيان نادى: يا رسول الله، أمرت بقتل قومك؟! فإنه زعم سعد ومن معه حين مر بنا أنه قاتلنا، أنشدك الله في قومك، فأنت أبر الناس وأرحمهم وأوصلهم، وقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: ما نأمن سعدا أن يكون منه قريش صولة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا سفيان: اليوم يوم المرحمة، اليوم أعز الله فيه قريشا" ٢ ... انتهى.

وهذا مخالف لما ذكره ابن هشام من وجهين:

أحدهما: أن أبا سفيان أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقالة سعد.


١ السيرة لابن هشام ٤/ ٤٠٦.
٢ عيون الأثر ٢/ ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>