للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخر: أن عثمان بن عفان، وعبد الرحمن هما القائلان: ما نأمن أن يكون من سعد في قريش صولة.

ووقوع ذلك منهما أقرب من وقوعه من عمر، لشدته في دين الله، والله أعلم.

وذكر ابن عقبة ما يوافق ما ذكره الأموي من أن أبا سفيان سمع مقالة سعد وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، واستعطفه على قريش، وسيأتي ذلك قريبا، وفي "صحيح البخاري" مثل ذلك؛ لأن في حديث فتح مكة الذي ترجم عليه بقوله "باب: أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح؟ ": فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان، قال: ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة١؟ ... انتهى.

ومنها: أن كلام ابن إسحاق يقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن يأخذ الراية من سعد، وأن يدل علي بها؛ لأنه قال بعد ذكر ما نسبه لعمر من الكلام السابق في حق سعد: فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: "أدركه فخذ الراية؛ فكن أنت الذي تدخل بها". وهذا مخالف لما ذكر الأموي؛ لأنه قال بعد ذكره لما سبق، ولشعر قاله ضرار بن الخطاب الفهري في يوم فتح مكة، ليستعطف به النبي صلى الله عليه وسلم على قريش: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة، فنزع اللواء من يده، وجعله بيد قيس ابنه، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اللواء لم يخرج عنه؛ إذ صار إلى ابنه، قيس ... انتهى.

وذكر الفاكهي ما يوافق ما ذكره الأموي، لأنه قال: حدثني الحسين بن عبد المؤمن قال: حدثنا علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، قال: حدثني طاوس وعامر، قالا: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم خالد بن الوليد -فذكر شيئا منخبره يأتي ذكره- ثم قال: ألا إن راية الأنصار في يد سعد بن عبادة، وقد مات سعد بن معاذ، وصار سعد بن عبادة سيد القوم، الراية في يده؛ فبينما هو واقف، والأنصار إذ نظر فلم ير حوله إلا الأنصار، فقال:

اليوم يوم الملحمة ... اليوم تستحل الحرمة

ودخل معهم من المهاجرين من لا يفطن له، فاتشد وهم لا يعلمون، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما سمع من سعد بن عبادة: فقال له: "أنت سمعته يقول هذا؟ قال: نعم، قال: "من هاهنا ادع إلى قيس بن سعد بن سعد بن عبادة"؛ فجاء الرسول وهو واقف مع أبيه، والراية في يد أبيه، وقال قيس: يدعوك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءه؛ فقال: "يا قيس". قال: لبيك يا رسول الله، فقال: "اذهب فخذ الراية من سعد" قال: نعم يا رسول الله،


١ البخاري "٤٢٨٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>