للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فجاءه الأنصار حوله؛ فقال: أعطني الراية، قال: لا، لا أم لك. قال: أعطنيها ولا تحمق نفسك. قال: لا. إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بهذا. قال: أمرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فسمعا وطاعة، ودفع الراية إلى قيس ابنه، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، والراية مع قيس بن عبادة ... انتهى.

وذكر الفاكهي أيضا ما يخالف ما ذكرناه عنه؛ لأنه قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن أبي ميسرة، قال: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثتني أم عرزة، عن أمها عن جدها الزبير بن العوام قال: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لواء بن عبادة، ودخل مكة بلواءين ... انتهى١.

ونقل ابن عقبة ما يوافق الخبر الذي رواه الفاكهي عن ابن أبي ميسرة؛ لأنه قال بعد عبادة في كتيبة الأنصار على أبي سفيان: فنادى -أي سعد- أبا سفيان؛ فقال:

اليوم يوم الملحمة ... اليوم تستحل الحرمة

فلما جاز به رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، وقال أبو سفيان: أمرت بقومك أن يقتلوا، فإن سعد بن عبادة ومن معه حين مروا بي نادوني:

اليوم يوم الملحمة ... اليوم تستحل الحرمة

وإني أنشد الله في قومك، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فعزله وجعل الزبير مكانه على الأنصار مع المهاجرين؛ فسار الزبير بالناس حتى وقف بالحجون، وغرز راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ... انتهى.

فتحصل من هذه الأخبار فيمن أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أخذها من سعد بن عبادة ثلاثة أقوال:

أولها: أنه على بن أبي طالب -رضي الله عنه- عغلى مقتضى ما ذكره ابن إسحاق.

وثانيها: أنه قيس بن سعد، على ما ذكره الأموي والفاكهي.

وثالثها: أنه الزبير بن العوام على ما ذكره الفاكهي أيضا وابن عقبة.

ومنها: أن ابن عقبة ذكره ما يقتضي أن سعدا كان قد أعطى رايته قبل أخذها لابنه قيس؛ لأنه قال: وبعث سعد بن عابدة في كتيبة الأنصار في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فدفع سعد رايته إلى قيس بن سعد ... انتهى. وهذا لا يفهم من كلام ابن إسحاق.


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>