للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويظهر ذلك مع ما أشرنا إليه أولا بذكر الخبر الذي ذكره الفاكهي؛ لأنه قال: حدثنا سعيد بنعبد الرحمن، حدثنا هشام بن سليمان المخزومي، عن ابن جريج، قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم أمن الناس يوم فتح مكة؛ إلا أربعة: عبد العزيز بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد الله بن أبي سرح، وأم سارة قينة لبني هاشم كانت تدعو على النبي صلى الله عليه وسلم حين تصبح وحين تمسي؛ فأما أم سارة فقتلت ... انتهى باختصار.

وذكر الحافظ عبد الغني بنسعدي أن سبب قتل أم سارة حملها كتاب حاطب بن سبق ذكرنا له عنه؛ لأن فيه: أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم فتح مكة، إلا أربعة فذكرهم، منهم أم سارة، ثم قال: وأما أم سارة فإنها كانت مولاة لقريش؛ فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه الحاجة، فأعطاها شيئا، ثم أتاها رجل يدفع إليها كتابا إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليهم ليحفظ في عياله، وكان له بها عيال، فأخبر جبريل -عليه السلام- النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فذكر بقية الخبر السابق، وهذا يخالف ابن جريج في سبب قتل أم سارة، والله أعلم بالصواب.

ومنها: أن ابن إسحاق لم يبين سبب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحويرث بن نقيذ، سوى أنه كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم بمكة -لقوله بعد ذكره للحويرث: وكان ممن يؤذيه بمكة١.

وذكر السهيلي ما يقتضي أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحويرث له سبب آخر؛ لأنه قال: وأم الحويرث بن نقيذ الذي أمر بقتله مع ابن خطل، فهو الذي نخس بزنيب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أدركها هو وهبار بن الأسود، فسقطت عن دابتها، وألقت جنينها٢ ... انتهى.

وذكر ابن هشام ما يقتضي أن سبب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحويرث، كونه نخس بفاطمة وأم كلثوم ابنتي النبي، ورمى بهما إلى أرض، لما بعثها العباس من مكة إلى المدينة؛ لأنه ذكر كلاما معناه هذا، بعد قول ابن إسحاق في شأن الحويرث بن نقيذ: وكان ممن يؤذيه بمكة، والمعروف أن المشركين عرضوا لزينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم، لا لأختيها فاطمة وأم كلثوم؛ فيكون الحويرث نخس بزينب، لا بفاطمة وأم كلثوم، والله أعلم بالصواب.

ومنها: أن كلام ابن إسحاق يقتضي أن الثماني ركعات التي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم فتح مكةى، على ما ذكر ت أم هانئ من الضحى.


١ السيرة لابن هشام ٤/ ٤١١.
٢ الروض الأنف ٤/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>