للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر السهيلي ما يقضي أنهما لم تقتلا وأنهما أمنتا. وسيأتي كلامه قريبا.

ومنها: أن كلام أبن إسحاق يقتضي أن سارة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها؛ غير قينة ابن خطل، لأنه قال فيمن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله يوم الفتح: وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب، ثم قال -بعد ما ذكر قينتي ابن خطل: وأما سارة فاستؤمن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنها، ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا في زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بالأبطح، فقتلها١ ... انتهى.

وذكر السهيلي ما يقتضي أن سارة هذه إحدى قينتي ابن خطل؛ لأنه قال: وأما القينتان اللتان أمر بقتلهما وهما سارة وفرتني، فقد أسلمت فرتني وأمنت سارة، وعاشت إلى زمن عمر بن الخطاب، ثم وطئها فرس فقتلها٢ ... انتهى. وهذا هو كلام السهيلي الذي أشرنا إلى أنه يخالف ما ذكره ابن سيد الناس في قتل إحدى قينتي ابن خطل، وتأمين الأخرى، ويخالف ما ذكره ابن إسحاق أيضا في أن سارة إحدى قينتي ابن خطل، وأنها التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلها، ولا أعلم له سلفا فيما ذكره، والله أعلم.

ومنها: أن ابن إسحاق لم يبين قينة ابن خطل اليت استؤمن لها رسول الله، وقد بين ذلك الحافظ مغلطاي؛ لأنه قال فيما أخبرت به عنه في ذكر المستثنين من الأمان يوم الفتح: وابن خطل قتله أبو برزة الأسلمي، وقينته فرتنا أسلمت، ثم قال: وقريبة قتلت ... انتهى.

ومنها: أن ابن إسحاق ذكر سارة فيمن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله يوم الفتح.

وذكر الفاكهي عن ابن جريج ما يقتضي أنها أم سارة. وذكر الحافظ عبد الغني سعيد المصري في "مبهماته" ما يوافق ما ذكره الفاكهي عن ابن جريج كما سبق، وسيأتي ذكر ما ذكره الفاكهي في ذلك.

ومنها: أن كلام ابن إسحاق يقتضي أن سارة لم تقتل في زمن الفتح، وذكر الفاكهي عن ابن جريج: أن أم سارة قتلت في الفتح، فإن كانت أم سارة التي ذكرها ابن جريج هي سارة التي ذكرها ابن إسحاق؛ فقد خولف ابن إسحاق في اسمها وحياتها في زمن الفتح. وإن كانت أم سارة التي ذكرها ابن جريج غير سارة التي ذكرها ابن إسحاق، فيكون ابن إسحاق قد ترك بعض من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله يوم فتح مكة، ويستفاد ذلك من كلام ابن جريج لا من كلام ابن إسحاق، والأول هو الظاهر، والله أعلم، وإذا كان كذلك فيستفاد من الخبر الذي ذكره الفاكهي عن ابن جريج فائدة لا تفهم من كلام ابن إسحاق، وهي سبب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل أم سارة.


١ السيرة لابن هشام ٤/ ٤١٠، ٤١١.
٢ الروض الأنف ٤/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>