عمرو مختبئون في الحجر، فرقي بلال على ظهر الكعبة فأذن بالصلاة ففزع الصبيان، وخرج النساء، وسمعوا شيئا هالهم؛ فقال صفوان بن أمية: لو أن لهذا العبد أحدا. وقال عتاب بن أسيد: الحمد لله الذي أكرم أسيدا أن لا يرى هذا اليوم، وما أسيد قبل ذلك بيسير. قال: وقال سهيل بن عمرو: إنك ظان هذا لغير الله فسيغير، وإن كان من الله ليمضينه. قال: وقال أبو سفيان: لا أقول شيئا، لو تكلمت لظننت هذا الحصى ستخبر عني قال: فأوحى الله -تعالى- إلى نبيه صلى الله عليه وسلم بقولهم -وهو على الصفا يدعو- فقال صلى الله عليه وسلم:"علي بالرهط" فلانا، وفلانا، وفلانا، هم في الحجر، قال ذلك لرج من الأنصار؛ فقال الأنصاري: أنا لا أعرفهم يا رسول الله، فابعث معنا من يعرفهم من المهاجرين، فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو سفيان يذكر العهد الذي كان له، ويخاف العذاب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصفوان:"قلت كذا وكذا" الكلام الذي قال: وقال لعتاب: قال: فعرفهم بالذي قالوا؛ فحسن إسلام عتاب بن أسيد، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، وفزع أبو سفيان، وكاد أن يقع، فقال أبو سفيان، أما أن فأسلمت، فأسلم يومئذ، فحسن إسلامه١ ... انتهى.
وهذا الخبر يقتضي أن صفوان بن أمية -رضي الله عنه- كان جالسا بالحجر يوم فتح مكة، وسمع أذان بلال -رضي الله عنه- على ظهر الكعبة يوم الفتح، وهذا لا يصح؛ لأن صفوان فر إلى جدة ليركب منها البحر، ولم يرجع إلى مكة إلا بعد أن استأمن له عمير بن وهب وابن عمه، وذهاب عمير إليه بأمان النبي صلى الله عليه وسلم له، ورجوعه مع عمير إلى مكة لا يكون في يوم واحد.
وفي "مغازي" ابن عقبة ما يقتضي أن صفوان سأل عميرا حين جاءه، وأخبره بتأمين النبي صلى الله عليه وسلم: أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وبتأمينه من النبي صلى الله عليه وسلم بشيء يعرفه، وأن عميرا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بقول صفوان، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم برد حبرة كان معتجرا به حين دخل مكة، فذاهب عيمر إلى صفوان، فاطمأنت نفسه، وأقبل مع عمير حتى دخل المسجد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... انتهى بالمعنى.
ومثل هذا لا يكون يوم ولا في نصف يوم؛ فإن مقتضى الخبر الذي ذكره الفاكهي على تقدير صحة كون صفوان في الحجر حين سمع أذان بلال على الكعبة، أن يكون ذهاب عمير إلى صفوان ومجيئه معه في نصف يوم؛ لأن صفوان لم يقل ما قال إلا حين سمع أذان بلال -رضي الله عنه- للظهر على الكعبة.