للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الأزرقي خبر أذان بلال -رضي الله عنه- على ظهر الكعبة في يوم الفتح، وفيه ما يخالف بعض ما ذكره الفاكهي فيه، وفيه ما يخالف ما ذكره ابن هشام في كون عتاب بن أسيد -رضي الله عنه- قال شيئا في أذان بلال -رضي الله عنه- على الكعبة. وفيه ما يوافق ما ذكره ابن هشام في كون النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى أبي سفيان، ومن معه فأخبرهم بقولهم في أذان بلال -رضي الله عنه؛ وذلك يخالف ما ذكره الفاكهي من أن النبي صلى الله عليه وسلم استدعاهم إلى الصفا، وأخبرهم بما قالوا.

وفي الخبر الذي ذكره الأزرقي في أذان بلال -رضي الله عنه- غير ما في الخبر الذي ذكره الفاكهي، فنذكره لما في ذلك من الفائدة، ولفظه: وأخبرني جدي، عن محمد بن إدريس الشافعي، عن الواقدي، عن أشياخه قال: وحانت١ الظهر يوم الفتح؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أن يؤذن بالظهر فوق ظهر الكعبة، وقريش فوق رءوس الجبال، وقد اصفرت وجوههم، وتغيبوا خوفا من أن يقتلوا، ومنهم من يطلب الأمان، ومنهم من قد أمن، وأذن بلال، ورفع صوته كأشد مايكون؛ فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، تقول جويرة بنتأ [ي جهل: قد لعمري رفع لك ذكرك، أما الصلاة فسنصلي، ووالله ما نحب من قتل الأحبة أبدا، ولقد جاء إلى أبي الذي كان جاء إلى محمد من النبوة فردها، ولم يرد خلاف قومه، وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذي الذي أكرم أبي فلم يسمع بهذا اليوم، وكان أسيد مات قبل الفتح بيوم، وقال الحارث بن هشام: واثكلاه، ليتني مت قبل أن أسمع بلالا ينهق فوق الكعبة. وقال الحكم بن أبي العاص: هذا والله الحدث الجلل، أن يصبح عبد بني جمح ينهق على بيت أبي طلحة، وقال سهيل بن عمرو: إن كان هذا سخطا لله تعالى فيستغيرهالله تعالى، وقال: أبو سفيان بن حرب: أما أنا فلا أقول شيئا؛ لو قلت شيئا لأخبرته هذه الحصى. فأتى جبريل عليه الصلاة والسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرهم؛ فأقبل صلى الله عليه وسلم حتى وقف عليهم فقال: "أما أنت يا فلان فقلت: كذا، وأما أنت يا فلان فقلت: كذا"؛ فقال أبو سفيان: أما أن يا رسول الله فما قلت شيئا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم٢ ... انتهى باختصار.

وفي الخبر من المخالفة لما ذكره الفاكهي وابن هشام ما فيه؛ منه أن "خالد بن أسيد" هو القائل لما سمع أذان بلال -رضي الله عنه- على الكعبة: الحمد لله الذي أكرم أبي فلم يسمع بهذا اليوم، الخبر الذي ذكره ابن هشام والفاكهي يقتضي أن قائل ذلك عتاب بن أسيد، أخو خالد بن أسيد، وهو الذي أسلم عام الفتح٣، على ما ذكر عبد البر٤، وهو معدود في المؤلفة


١ في أخبار مكة للأزرقي ١/: "جاءت".
٢ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٢٧٤، ٢٧٥.
٣ السيرة لابن هشام ٤/ ٤٩.
٤ الاستيعاب ٣/ ١٥٣، ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>