للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن كلام ابن إسحاق ليس فيه بيان لعدد من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم من المهاجرين في فتح مكة.

وذكر الفاكهي خبرا يبين ذلك؛ لأنه قال في "أخبار مكة": حدثنا حسين، حدثنا الثقفي قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: سمعت ابن المسيب يقول: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل المدينة بثمانية آلاف أو عشرة آلاف، ومن أهل مكة بألفين١ ... انتهى. وهذا هو الخبر الذي أشرنا آنفا أن الفاكهي ذكره، والله أعلم ليلة يقصر الصلاة٢ ... انتهى.

وقد حدث الحافظ علاء الدين مغلطاي في "سيرته" عن الخلاف في مدة مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها، ما لم أر مثله مجموعا في غير "سيرته"، فنذكر ذلك لما فيه من الفائدة؛ لأنه قال فيما أخبرت به عنه، بعد أن ذكر خبر فتح مكة، قال: قال البخاري: وأقام بها خمس عشرة ليلة، وفي رواية: تسع عشرة، وفي أبي داود: سبع عشرة، وفي "الترمذي" ثمان عشرة، وفي "الإكليل": أصحها بضع عشرة، يصلي ركعتين ... انتهى.

ورأيت أنا في ذلك غير ما ذكره ابن إسحاق ومغلطاي، وذللاك في كتاب الفاكهي، ونذكر ذلك لما فيه من الفائدة، ونص ما ذكره الفاكهي: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن يحيى بن إسحاق قال: سألت أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن قصر الصلاة، فقال: سافرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة؛ فصلى بنا ركعتين حتى وصلنا؛ فسألته: هل أقام؟ قال: نعم أقمنا بمكة عشرا -يعني زمان الفتح٣ ... انتهى.

والذي نقله مغلطاي عن "الإكليل" هو في "مغازي" موسى بن عقبة؛ لأنه قال: فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بضع عشر ليلة ... انتهى.

وقد بينا فيما يتعلق بخبر الفتح الذي ذكره ابن إسحاق، وابن هشام، فوائد كثيرة، لا يوجد مجموعها في كتاب. وتتعلق بخبر الفتح المشار إليه مسائل كثيرة من الفقه واللغة العربية، تركنا ذكرها؛ لكونها غير مقصودة بالذكر في هذا التأليف، وخيفة من التطويل، ونسأله الله تعالى أن يهدينا إلى سواء السبيل.


١ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ٢٣٢٣.
٢ السيرة لابن هشام ٤/ ٧٠.
٣ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>