للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحد الحرم من هذه الجهة لا يعرف موضعه الآن، إلا أن بعض أعراب مكة زعم أنه في مقدار نصف طريق الجعرانة، وسئل عن سبب معرفته لذلك فقال: إن الموضع الذي أشار إليه في محاذاة أعلام الحرم من جهة نخلة، وهي جهة العراق، والله أعلم بصحة ذلك.

وأما حده من جهة التنعيم ففيه أربعة أقوال:

ثلاثة أميال، على ما ذكره الأزرقي١، وابن خرداذبه٢، والماوردي٣، وصاحب "المهذب" وغيرهم.

ونحو أربعة أميال، على ما ذكره ابن أبي زيد في "النوادر" عن غير واحد من المالكية.

وأربعة أميال، على ما قال الفاكهي٤.

وخمسة أميال، على ما ذكره أبو الوليد الباجي، ونص كلامه: وأما التنعيم فإني أقمت بمكة، وسمعت أكثر الناس يذكرون أنها خمسة أميال، ولم أسمع في ذلك اختلافا مدة مقامي بها، ولو كان بين مكة والتنعيم أربعة أميال لوجب أن يكون بين مكة والحديبية -على هذا التعدي: قريب من خمسة عشر ميل، لأنها أزيد من ثلاثة أمثالها ... انتهى.

وفي هذا القول نظر، وكذا في القول الذي ذكره الفاكهي، والقول الذي ذكره ابن أبي زيد على ما سيأتي بيانه إن شاء الله.

ووقع فيما ذكره ابن أبي زيد في حد الحرم من هذه الجهة ما يقتضي أنه إلى منتهى التنعيم، لأنه قال: ومن غير الموازنة لغير واحد من أصحابنا أن حد الحرم مما يلي المدينة نحو أربعة أميال إلى منتهى التنعيم. انتهى.

وذكر الأزرقي ما يخالف ذلك، لأنه قال: ذكر حدود الحرم: من طريق المدينة دون التنعيم عند بيوت نفار٣ على ثلاثة أميال٥. انتهى.

وذكر المحب الطبري في "شرحه للتنبيه" ما يرجح ما ذكره الأزرقي، لأنه ذكر أن التنعيم أمام الحل قليلا، وأن من فسره بطرف الحل أطلق اسم الشيء على ما قرب منه. انتهى.


١ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٣٠، ١٣١.
٢ المسالك والممالك "ص: ١٣٢.
٣ الأحكام السلطانية "ص: ١٦٤".
٤ أخبار مكة للفاكهي "٥/ ٦١، وقد نقله الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٣/ ٦٠٧، والمحب الطبري في القرى "ص: ٦٢٣".
٥ معجم البلدان ١/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>