للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه قال: وكان محمد بن يحيى المخزومي واليها، واستخلفه عليها الفضل بن عباس.

ولا مانع من أن يكون أبو عيسى ولي مكة عن الفضل بن عباس نيابة، كما ذكر الفاكهي، وعن المعتمد استقلالا، كما ذكر ابن حزم، والله أعلم.

وأما ولاية أبي المغيرة؛ فرأيت في كتاب الفاكهي ما يقتضي أنه كان أميرا على مكة في سنة ثلاث وستين ومائتين؛ لأنه قال في الترجمة التي ترجم عليها بقوله: "تجريد الكعبة": فكانت الكسوة على الكعبة على ما وصفنا، حتى كانت سنة ثلاث وستين، فورد كتاب من أبي أحمد الموفق بالله على محمد بن عيسى وهو يومئذ على مكة، يأمره بتجريد الكعبة؛ فقرأ الكتاب في درا الإمارة لتسع ليال بقين من ذي الحجة١ ... انتهى.

وما ذكرناه من كلام الفاكهي يشعر بأن أبا المغيرة ولي مكة عن أبي أحمد الموفق، وذكر ابن الأثير ما يدل على أنه وليها بعد ذلك لصاحب الزنج؛ لأن ابن الأثير قال في أخبار سنة خمس وستين ومائتين: وفيها كانت موافاة أبي المغيرة عيسى بن محمد المخزومي إلى مكة لصاحب الزنج٢ ... انتهى.

وما ذكر ابن الأثير في اسم أبي المغيرة وأبيه عكس ما ذكره ابن حزم في ذلك، ولعله سقط من كتاب ابن الأثير "ابن" بين أبو المغيرة وعيسى؛ وبذلك يتفق ما ذكره مع ما ذكره ابن حزم٣، والله أعلم.

وصاحب الزنج هو علي بن أحمد العلوي -بزعمه- لأنه كان ينتمي إلى يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو ممن أكثر في الأرض الفساد، وأخباره في ذلك مشهورة.

وذكر ابن الأثير شيئا من حال أبي المغيرة؛ لأنه قال في أخبار سنة ست وستين وفيها قدم محمد بن أبي الساج مكة، فحاربه ابن المخزومي، فهزمه محمد، واستباح ماله؛ وذلك يوم الترويه٤ ... انتهى.

وقال أيضا في أخبار سنة ثمان وستين: وفيها سار أبو المغيرة إلى مكة، وعاملها هارون بن محمد الهاشمي، فجمع هارون جمعا احتمى بهم؛ فصار المخزومي إلى مشاش فغور ماءها، وأتى جدة فنهب الطعام وأحرق بيوت أهلها، وصار الخبز في مكة


١ الكامل لابن الأثير ٧/ ٣٢٨، إتحاف الورى ٢/ ٣٤٠.
٢ الكامل لابن الأثير ٧/ ٣٢٨، إتحاف الورى ٢/ ٢٤٠.
٣ جمهرة أنساب العرب "ص: ١٤٩".
٤ الكامل لابن الأثير ٧/ ٣٣٦، إتحاف الورى ٢/ ٣٤١، البداية والنهاية ١١/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>