للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنه في سنة عشر وثمانمائة نفر الحجاج جميعهم في النفر الأول، ولم يزر المدينة المنورة من الركب المصري إلا القليل، وسار معظمهم مع أمير الحاج إلى "ينبع"، وسبب ذلك: أن أمير الحج المصري تخوف من أهل الشام أن يقصدوا الحجاج بسوء من جهة "إيلة"، بسبب القبض بمكة على أمير الركب الشامي في هذه السنة، وكان صورة القبض عليه: أن المصريين تكلموا مع أمير مكة في القبض عليه؛ فقصده أمير مكة في المسجد الحرام بعد طوافه يوم قدومه بالبيت، وقيل سعيه، وأشار على أمير الحج الشامي بأن يمضي معه للسلام على أمير الحج المصري؛ فلم يجد بدا من الموافقة على ذلك؛ لانفراده عن عسكره؛ فسار إلى أمير الحج المصري، فقبض عليه وحج معه محتفظا به، وذهب به تحت الخوطة إلى مصر، وكانت الموافقة يوم الجمعة١.

ومنها: أنه في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة كان بين بني حسن من أهل مكة وبين أمير الحاج المصري مشاجرة عظيمة، أفضت إلى قتله بعض الحجاج ونهبهم غير مرة، ولم يحج بسبب ذلك من أهل مكة إلا اليسير، وسبب هذه الفتنة: أن صاحب مصر الملك الناصر فرج انحرف على الشريف حسن بن عجلان نائب السلطنة ببلاد الحجاز؛ فعزله عن ذلك، وعزل ابنيه عن إمرة مكة، وأسر ذلك إلى أمير الحج المصري "بيسق"٢؛ فاستعد للحرب، واستصحب معه أنواعا من السلاح والمكاحل والمدافع وغير ذلك، وورى بأن قصده بذلك الدخول إلى اليمن، وبلغ الشريف "حسن" ذلك في عاشر ذي القعدة من السنة المذكورة؛ فجمع أعراب مكة، وأهل الطائف و"ليه"٣ وغيرهم من عرب الشرق، على ما كان معه من بني حسن من الأشراف والقواد، وعبيد أخيه أحمد بن عجلان وأولادهم وعوام مكة، وكان من معه على ما بلغني يزيدون على ستة آلاف نفر؛ منهم: أربعة آلاف من الأعراب الذين استنفرهم، واجتمع عنده من الخيل نحو ستمائة على ما بلغني، وكان يكره القتال مخافة أن يصيب الحجاج سوء من معرة الجيش، وأشار بعض جماعته بأن يرسل إلى أمير الحاج من يعظم عليه أمر الحرم وأهله، وأنه إذا كان قصده القتال، فليتقدم الحجيج قبله بيوم أو يتقدم هو قبلهم بيوم فيقع اللقاء؛ وبينما هم في المعركة فيم يؤدي هذه الرسالة إلى أمير الحاج إذ جاء الله بالفرج، وأزال الخاص بخدمته فيروز الساقي٤ إلى مكة بخلع وتقاليد للسيد حسن -المذكور- وولديه، بعودهم إلى ولايتهم، ومنع أمير الحاج من التعرض لقتالهم، وكان وصول هذا الخبر إلى


١ السلوك ٤/ ١: ٦٨.
٢ هو يبسق الشيخي "انظر ترجمته في: الضوء اللامع ٣/ ٢٢، ٢٣ رقم ١١٤".
٣ لية: بلدة من نواحي الطائف "معجم البلدان ٥/ ٣٠".
٤ انظر ترجمته في أنباء الغمر ٢/ ٥٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>