للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب -رضي الله عنه- يقال له: سيل أم نهشل، أقبل السيل حتى دخل المسجد الحرام من الوادي ومن أعلى مكة من طريق الردم، وبين الدارين١، وكان ذلك السيل ذهب بأم نهشل بنت عبيد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس؛ حتى استخرجت منه بأسفل مكة؛ فمسي: سيل أم نهشل، واقتلع السيل المقام -مقام إبراهيم الخليل -عليه أفضل الصلاة والسلام- وذهب به حتى وجد بأسفل مكة، وعين مكانه الذي كان فيه، وأخذ فربط بلصق الكعبة بأستارها، وكتب إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في ذلك فجاء فزعا، حتى رد المقام مكانه، ثم قال: فعمل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في تلك السنة الردم الذي يقال له: ردم عمر، وهو الردم الأعلى عند دار جحش بن رئاب، التي يقال لها: دار إبان بن عثمان إلى دار بيه؛ فبناه بالضفائر والصخر العظام، وكبسه، فسمعت جدي يذكر أنه لم يعله سيل منذ ردمه عمر -رضي الله عنه- إلى اليوم. وقد جاء من بعده أسيال عظام، كل ذلك لا يعلوه منها شيء٢.

قال الأزرقي: ذكر سيل الجحاف، وما جاء في ذلك، قال:

وكان سبيل الجحاف في سنة ثمانين وفي خلافة عبد الملك بن مروان، صبح الحاج يوما، وكان يوم التروية، وهم آمنون قارون٣، قد نزلوا إلى وادي مكة، واضطربوا الأبنية، ولم يكن عليهم من المطر إلا شيء يسير؛ إنما كانت السماء في صدر الوادي، وكان عليهم من ذلك رشاش٤.

قال الأزرقي: قال جدي: حدثني سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: لم يكن المطر عام الجحاف على مكة إلا شيئا يسيرا؛ وإنما كان شدته بأعلى الوادي، قال: فصبحبهم يوم التروية بالغبش قبل صلاة الصبح، فذهب بهم وبمتاعهم، ودخل المسجد وأحاط بالكعبة، وجاء دفعة واحدة، وهدم الدور على الشوارع وعلى الوادي، وقتل الهدم أناسا كثيرا، ورقي الناس في الجبال واعتصموا بها؛ فسمي ذلك الجحاف؛ وقال فيه عبد الله بن أبي عمار:

ولم تر عيني مثل يوم الاثنين٥ ... أكثر محزونا وأبكى للعين


١ الدارين هما: دار أبو سفيان، ودار حنظلة بن أبي سفيان.
٢ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٦٧ و١٦٨، أخبار مكة للفاكهي ٣/ ١٠٤، العقد الثمين ١/ ٤٠٥، إتحاف الورى ٢/ ٧.
٣ في أخبار مكة للأزرقي، وإتحاف الورى ٢/ ١٠٨: "غارون" وهو تصيف.
٤ في أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٦٨: "رشاس من ذلك".
٥ هو اليوم الذي جاء فيه السيل، ذكر ذلك البلاذري ١/ ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>