للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ خرج المختبئات تسعين ... سواندا في الجبلين يرقين١

فكتب في ذلك إلى عبد الملك بن مروان، ففزع لذلك، وبعث بمال عظيم، وكتب إلى عامله على مكة عبد الله بن سفيان المخزومي -ويقال: بل كان عامله الحارث بن خالد المخزومي- يأمره بعمل شفائر الدور الشارعة على الوادي للناس من المال الذي بعث به، وعمل ردما على أفواه السكك تحصن بها درر الناس من السيول، وبعث رجلا "معد بن مهند" في عمل ذلك، وعمل ضفائر المسجد الحرام، وضفائر الدور في جنبتي الوادي؛ فكان من تلك الردم، الردم الذي يقال له ردم الحزامية على فوهة بخط الحزامية٢، والردم الذي يقال له: ردم بني جمح، وليس لهم؛ ولكنه لبني قراد الفهريين، فغلب عليه ردم بني جمح، وله يقول الشاعر:

سأملك عبرة وأفيض أخرى ... إذا جاوزت ردم بني قراد٣

قال: فأمر عامله بالصخر العظام٤، فنقلت له على العجل، وحفر الرباط دون دور الناس؛ فبناها به وأحكمها من المال الذي بعث به، قالوا: فكانت الخيل والثيران تجر ذلك العجل، حتى ربما أنفق في المسكن الصغير لبعض الناس مثل ثمنه مرات، ومن تلك الضفائر أشياء إلى اليوم قائمة على حالها من دار أبان بن عثمان التي هي ردم عمر -رضي الله عنه، وهلم جرا إلى دار ابن الخوار؛ فتلك الضفائر التي في رباط تلك الدور كلها، مما عمل من ذلك المال، ومن ردم بني جمح منحدرا في الشق الأيسر إلى أسفل مكة، وأشياء من ذلك المال، ومن ردم بني جمح منحدرا في الشق الأيسر إلى أسفل مكة، وأشياء من ذلك هي على حالها، وأما الضفائر دار أويس التي بأسفل مكة ببطح نحر الوادي: فقد اختلف علينا في أمرها؛ فقال بعضهم: هي من عمل عبد الملك، وقال آخرون: هي من عمل أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما، وهو أثبتهما عندنا٥.

وكان جاء بعد ذلك سيل يقال له سيل المخبل في سنة أربع وثمانين، وأصاب الناس عقبه مرض شديد في أجسادهم وألسنتهم، أصابهم منه شبه الخبل٦، فسمي: المخبل٧، وكان عظيما دخل المسجد الحرام وأحاط بالكعبة٨.


١ سواندا، وفي نسخة: شوادرا، وكذا في إتحاف الورى:
شواردا في الجابين يرقين
٢ خط الخزامية: يقع عند باب الوداع.
٣ فتوح البلدان ١/ ٦٢، ٦٣.
٤ في أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٦٩، إتحاف الورى ٢/ ١١٠: "بالصخر العظام".
٥ أخبار مكة للأزرقي في ٢/ ١٦٨، ١٧٠، إتحاف الورى ٢/ ١٠٨، أخبار مكة للفاكهي ٣/ ١٠٥.
٦ كذا في الأصل، وفي أخبار مكة للأزرقي.
٧ في أخبار مكة للأزرقي: "سيل المخبل".
٨ إتحاف مكة ٢/ ١١١، أخبار مكة للأزرقي ٢/ ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>