للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أخبار الصواعق: صاعقة وقعت بمكة قبل سنة سبعمائة وبعد التسعين -بتقديم التاء- وستمائة هلك بها بعض مؤذني الحرم.

ومنها: صاعقة وقعت في المسجد الحرام، فقتلت خمسة نفر؛ وذلك في سنة أربع وخمسين ومائة. ذكر ذلك الواقدي فيما حكاه الذهبي عنه١.

ومنها على ما وجدت بخط ابن البرهان: أنه في ليلة الخميس العاشر من جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة دخل سيل عظيم إلى المسجد الحرام، وبلغ في الكعبة شبرا وأربع أصابع ... انتهى.

وقد ذكر هذا السيل ابن محفوظ في تاريخه؛ فقال: وفي تلك السنة يعني سنة ثمان وثلاثين جاء سيل وادي إبراهيم؛ حتى أنه دخل الحرم، فطلع في وسط الكعبة قدر ذراع، وبلغ الماء إلى القناديل التي بالأورقة، وبقيت المنابر منابر الخطبة ودرجة الكعبة كأنهم ترابا عظيما، وقعد الناس في تقويمه مدة ... انتهى.

ورأيته مذكورا بأبسط من هذا في ورقة لا أعرف كاتبها، فرأيت أن أذكر ذلك أما فيه من الفائدة، ونص مكتوب:

ولما كان عام ثمانين وثلاثين وسبعمائة -أحسن الله تقضية وعقباه- ليلة الخميس عاشر جمادى الأولى منه، الموافق خامس كانون الأول، قدر الله تعالى غيما، وردعوا مزعجة، وبروقا مخيفة، ومطر وابل كأفواه القرب على الملأ من علو، ثم وقعت السيول من كل جهة، وكان وبل بمكة -شرفها الله تعالى وحماها، وكان معظم السيل من جهة البطحاء؛ فدخل الحرم الشريف من جميع الأبواب التي تليه: من باب بني شيبة إلى باب إبراهيم، وحفر في الأبواب، وجعل حول الأعمدة في طريقه مقدار قامتين وأكثر ولو لم تكن أساسات الأعمدة محكمة لكان رمى بها وقلع من أبواب الحرم أماكن، وطاف بها الماء؛ فطاف بالمنابر كل واحدة إلى جهة، وبلغ عند الكعبة المعظمة قامة ووصل إلى قناديل من خلل الباب، وعلا الماء فوق عتبتها أكثر من نصف ذراع بل شبرين، ووصل إلى قناديل المطاف، وعبر في بعضها من فوقها فطفأه، وغرق بعض المجاورات من النساء اللواتي في المصاطب، وخرب بيوتا كثيرة، وغرق بعض أهلها، وبعضهم مات تحت الردم، وكان أمرا مهولا قدرة قادرة يقول للشيء كن فيكون -سبحانه وتعالى- ولو دام ذلك النوء إلى الصباح لكانت عرفت مكة، والعياذ بالله، وذكره أيضا: الشيخ عماد الدين بن كثير في "تاريخه" بما يقضي تعظيمه٢.


١ تاريخ الإسلام ٦/ ١٠٦.
٢ إتحاف الورى ٣/ ٢١٢، ويعرف هذا السيل بسيل القناديل.

<<  <  ج: ص:  >  >>