للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأشرف الناس والحجاج على الهلاك؛ فأرسل الله -عز وجل- عليهم من الجراد ما ملأ الأرض فتعوض الناس به، ثم عاد الحجاج فسهل الأمر على أهل مكة، قال: وكان سبب هذا الغلاء عدم زيادة النيل بمصر -على العادة- فلم يحمل منها الطعام إلى مكة١ ... انتهى.

ومن ذلك: أنه في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة -على ما ذكر صاحب "الكامل"- عم الوباء والغلاء سائر البلدان من الشام، والجزيرة، والموصل، والحجاز، واليمن، وغيرها٢.

ومن ذلك: أنه في سنة سبع وستين وخمسمائة -على ما وجدت بخط جمال الدين بن البرهان الطبري- بلغ الحب بمكة خمسة أمداد بدينار، ولم يجئ مير، لا في رجل، ولا في شعبان، إلى أن وصلت جلبتان صدقة مشحونتان من عند صلاح الدين -رحمه الله- فأحيت المسلمين وفرجت عنهم٣ ... انتهى.

وما عرفت مقدار المد المشار إليه، هل هو مد الطائف، أو مد أهل بجيلة وما والاها، الذي يقال له الزبيدي، وهو الأقرب، لأنه مد المير المشار إليهم، وهم الجالبون للميرة إلى مكة، والله أعلم.

ومقدار هذا المد: ربعية، وهي ربع الربع المكي الذي يكتال الناس به بمكة الآن، ويبعد كل البعد أن يكون المد المشار إليه في هذه الحادثة -وفيما يذكر من الحوادث- المد المكي لكثرته ويسارة الثمن عنه؛ إلا أن يكون المشار إليه ذهبا، وهو بعيد، والله أعلم.

ومن ذلك: أنه في سبع تسع وستين وخمسمائة -على ما وجدت بخط ابن البرهان أيضا- بلغ الحب فيها صاعا بدينار، وصاعا إلا ربع، وأكل الناس الدم والجلود والعظام، ومات أكثر الناس؛ فلما كان الثامن والعشرون من جماد الآخرة، وجه الخليفة المستضيء بأمر الله أمير المؤمنين بالصدقات لأهل مكة والمجاورين، وفرج عنهم، فرج الله عنه.

ثم قال بعد أن ذكر المطر الذي كان بمكة في هذه السنة -وقد تقدم ذكره: وجاء شهر رجب الميرة، وابتاعوا الحب ثلاثة أصوع ومدين بدينار٤ ... انتهى.


١ الكامل لابن الأثير ٩/ ٦١٤، إتحاف الورى ٢/ ٤٦٤، در الفرائد "ص: ٢٥٤".
٢ الكامل لابن الأثير ٩/ ٦٣١، إتحاف الورى ٢/ ٤٦٤، البداية والنهاية ١٢/ ٦٨، در الفرائد "ص٢٥٥".
٣ إتحاف الورى ٢/ ٥٣٣.
٤ إتحاف الورى ٢/ ٥٣٤، در الفرائد "ص: ٢٦٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>