للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم منه، فإنه للقبور والبيوت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخر"، أخرجاه بالمعنى١.

وروينا في مسند أحمد بن حنبل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة قال: "لا ينفر صيدها، ولا يختلى شوكها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد"، فقال العباس: إلا الإذخر، فإنما نجعله لقبورنا وبيوتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إلا الإذخر" أخرجاه أيضا٢.

وفي لفظ لهما ولأحمد: "لا يعضد شجرها" بدل قول: "لا يختلى شوكها" وفي ألفاظ الأحاديث الواردة في هذا المعنى اختلاف.

وقد اقتضت هذه الأحاديث أمورا، منها: منع اختلاء خلا مكة، والخلا مقصور: الكلأ الرطب، فإذا يبس فهو حشيش وهشيم، ما خلا الإذخر، فإنه يجوز كما في الحديث للحاجة إليه في سقف البيوت والقبور والصباغة وما في معناه، وهو نبت مشهور طيب الرائحة، وفي معنى الإذخر: السنا للحاجة إليه في الدواء، كما في "المدونة" و"الموازية" من كتب أصحابنا المالكية، والصحيح من مذهب الشافعي حل أخذ نبات الحرم لعلف الدابة وللدواء.

ومنها: منع عضد شجرة مكة أي قطعها وأرخص مالك في قطع العصا والعصاتين من شجر الحرم.

ومنها: منع تنفير صيد مكة، أي لا يصاح عليه فينفر، قاله المحب الطبري، ونقل عن عكرمة أنه قال لرجل: أتدري ما تنفير صيدها؟ هو أن تنحيه من الظل وتنزل مكانه، ونقل معنى ذلك عن سفيان بن عيينة، قال: ولا خلاف أنه لو نفره وسلم فلا جزاء عليه، لكنه أثم بارتكابه النهي.

ومنها: منع اصطياد صيد مكة.

ومنها: أن لقطتها لا تملك كما هو الأصح من مذهب الشافعي، وهو رأي بعض المالكية، وعند الأئمة الثلاثة أن حكم مكة في لقطتها كغيرها من البلاد، وقد جاءت


١ أخرجه: البخاري "١٥٨٧"، ومسلم "الحج: ٤٤٥"، والبيهقي في الشعب "٤٠٠٧"، وأبو يعلى "٥٩٢٨"، وأبو داود "٢٠١٨"، والنسائي "٢٨٧٤"، والترمذي "١٥٩٠".
٢ أخرجه: البخاري "الحج، فضل الحرم: ٢/ ١٤٧ مختصرا، وأواخر الحج، "لا ينفر حين لحرم" "٣/ ١٤" وآخر الجهاد إثم الغادر للبر والفاجر "٤/ ١٠٤- ١٠٥"، ومسلم "الحج: تحريم مكة وصيدها".
لا يعضد شوكه: لا يقطع شوكه، لا ينفر صيده: لا يتعرض له بالإزعاج، لا يختلى خلاها: الخلى بالقصر: الرطب من النبات أي لا يجز أي لا يحصد.

<<  <  ج: ص:  >  >>