للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويهدون لها الشعير والحنطة، ويصبون عليها اللبن، ويذبحون لها، ويعلقون عليها بيض النعام، ونصب على الصفا صنما يقال له: نهيك مجاور الرمح، ونصب على المروة صنما يقال له: مطعم الطير١.

ذكر ما جاء في اللات والعزى وما جاء في بدئها كيف كان:

حدثني جدي قال: حدثني سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج، عن محمد بن السائب الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن رجلا ممن مضى كان يقعد على صخرة لثقيف يبيع السمن من الحاج إذا مروا، فيلت سويقهم، وكان ذا غنم، فسميت صخرة اللات، فمات؛ فلما فقده الناس، قال لهم عمرو بن لحي: إن ربكم كان اللات، فدخل في جوف الصخرة، وكانت العزى ثلاث شجرات بنخلة، وكان أول من دعا إلى عبادتها عمر بن ربيعة، والحارث بن كعب، وقال لهم عمرو: إن ربكم يتصيف باللات لبرد الطائف، ويشتي٢ بالعزى لحر تهامة. وكان في كل واحدة شيطان يعبد.

فلما بعث الله محمدا -صلى الله عليه وسلم- بعث بعد الفتح خالد بن الوليد -رضي الله عنه- إلى العزى ليقطعها فقطعها، ثم جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم؛ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "ما رأيت فيهن؟ " قال: لا شيء. قال -صلى الله عليه وسلم: "ما قطعتهن فارجع فاقطع". فرجع فقطع، فوجد تحت أصلها امرأة ناشرة شعرها، قائمة عليهن كأنها تنوح عليهن، فرجع فقال: إني وجدت كذا وكذا، قال: صدقت.

حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم، عن عثمان بن ساج قال: أخبرنا ابن إسحاق: أن عمرو بن لحي اتخذ العزى بنخلة٣؛ فكانوا إذا فرغوا من حجهم وطوافهم بالكعبة، لم يلحوا حتى يأتوا العزى، فيطوفون بها ويحلون عندها ويعكفون عندها يوما، وكانت لخزاعة، وكانت قريش بنو كنانة كلها تعظم العزى مع خزاعة وجميع مضر، وكان سدنتها الذين يحجبونها بنو شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم.

وقال عثمان: وأخبرنا محمد بن السائب الكلبي قال: كانت بنو مضر وجشم، وسعد بن بكر -وهم عجز هوازن- يعبدون العزى.


١ أخبار مكة للأزرقي ١/ ١٢٤.
٢ في أخبار مكة للأزرقي ١/ ١٢٦: "يشتون".
٣ قال الكلبي: "العزى" هي أحدث من اللات ومناة، وكانت بواد من نخلة الشامية، يقال له: حراض، بإزاء الغمير عن يمين المصعد إلى العراق من مكة: "الأصنام ص: ١٧، ١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>