للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكة، وذكرتم خصائص الحرم بأشياء، ولم تتعرضوا لمن همَّ فيه بسيئة، فإنهم ذكروا من خصائصه العقوبة على مريد السيئة ومن همَّ بها، وروينا في ذلك حديثا مرفوعا، وهو من حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسند أحمد وغيره١، وهو حديث إسناده صحيح، ثم قال: وهذه المسألة ذكرها ابن أبي حاتم في تفسيره، وبسط فيها القول ... انتهى باختصار.

وذكر ذلك -أيضا- أبو اليمن ابن عساكر في "فضل منى" عند الكلام على ما اختصت به مكة من الأحكام، ونص كلامه: وأن من أراد فيها الإلحاد ولم يعمل به أذاقه الله من أليم العذاب، وزاد أيضا من خصائصها عدم استباحة غنائمها.

ومنها: أن صلاة النافلة التي لا سبب لها لا تكره بمكة في وقت الكراهة، كما هو مذهب الشافعي رحمه الله لحديث من رواية جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولفظه عند الدارقطني: "يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يصلي عند هذا البيت أية ساعة شاء من ليل أو نهار" ٢. وأخرجه ابن حبان بمعناه، ولفظه عند أصحاب السنن الأربعة، وابن حنبل، وابن حبان أيضا: "يا بني عبد مناف، إن وليتم من هذا الأمر شيئا فلا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء ليل أو نهار" ٣.

وجوز البيهقي في المراد بالصلاة احتمالين.

أحدهما: أن يكون المراد بالصلاة صلاة الطواف خاصة، وقال: إنه هو الأشبه بالآثار.

والاحتمال الآخر: أن يكون المراد جميع الصلوات٤.

ولفظ حديث الدارقطني يرد الاحتمال الأول الذي ذكره البيهقي أنه أشبه بالآثار، قال القاضي عز الدين بن جماعة: وتأول بعضهم الصلاة على الدعاء، وفيه بُعْدٌ، ومنع


١ مسند أحمد ١/ ٢٢٧، ٣١٠، ٣٦١، ٢/ ٢٣٤، ٢٤٢.
٢ أخرجه: الدارقطني ١/ ٤٢٤، وهو في موارد الظمآن "ص: ١٦٥" لكن هذا الجواب لا يتمشى مع أصول الشافعية في حمل المطلق على المقيد، لأنهم لا يشترطون أن يكون المطلق والمقيد واردين في موضوع واحد لكي يحمل المطلق على المقيد.
٣ أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٨٠، والترمذي في "الحج: الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف ٣/ ٢٢" النسائي "إباحة الطواف ٥/ ٢٢٣"، وابن ماجه ١/ ٣٩٨، وموارد الظمآن "ص: ١٦٤- ١٦٥".
٤ السنن الكبرى للبيهقي ٥/ ٢٩٢، أخرج الحديث، وليس فيه التأويل الذي ذكره المصنف، فلعله في كتاب آخر للبيهقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>