رجب الحرم من السنة المذكورة، وتوجه الشريف عبد المطلب بن غالب ومعه أخوه الشريف بن غالب إلى الآستانة برا فوصلها وتولى ثانيا كما سيأتي إن شاء الله، ثم استقامت للشريف محمد بن عبد المعين الأمير الأمور على أحسن حال وانتظمت أحكامه بلا معارض على أتم نظام.
وفي سنة خمس وستين ومائتين وألف توفي بمصر محمد علي باشا، ثم استمر الحال مطمئنا للشريف محمد بن عبد المعين بن عون إلى أن دخلت سنة سبع وستين ومائتين وألف ونزل من الطائف وفي صحبته ولده الشريف عبد الله والشريف علي فحضروا عند عبد العزيز باشا الشهير بأنه باشا، وكان ذلك في رجب من العام المذكور؛ فأبرزا أمرا مضمونه حضورهما مع والدهما إلى الآستانة دار السلطنة، فتوجهوا وأقاموا حينئذ الشريف المنصور بن يحيى بن سرور وكيلا قائم مقام أمير مكة، ثم وجهت الدولة الإمارة للشريف عبد المطلب بن غالب في رمضان من السنة المذكورة، وكان إذ ذاك بالآستانة عندهم، وهذه هي الولاية الثانية له، ثم وصل مكة في ذل القعدة من العام المذكور وجلس في داره بالقرارة للتنهئة، وبقي إلى سنة اثنتين وسبعين ومائتين وألف، فعزل وتوجه إلى دار السلطنة في شوال من سنة ثلاث وسبعين ومائتين وألف.
فولت الدولة العلية إمارة مكة للشريف محمد بن عبد المعين بن عون وكان إذ ذاك بالآستانة كما تقدم، فهذه هي الولاية الثانية له وجاء الخبر بوصوله إلى جدة في ثاني شعبان ومعه ابنه الشريف علي باشا فقط، ثم بعد يومين وصلا مكة وجلس الشريف محمد بن المعين بن عون للتنهئة في داره العامرة بسوق الليل، وبقي فيها إلى سنة أربع وسبعين ومائتين وألف وتوفي في الثالث عشر من شعبان المبارك من العام المذكور، ودفن بقبة السيدة آمنة والدة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمعلاة.
فلما بلغ الخبر إلى السلطنة بوفاته وجهت الدولة إمارة مكة إلى ابنه الشريف عبد الله باشا في رمضان وكان إذ ذاك بالآستانة، وتركه والده كما تقدم وأقيم مقامه أخوه الشريف علي باشا بن محمد بن عبد المعين بن العون بمكة إلى حين مجيئه، ثم توجه الشريف عبد الله المتولي بعد قضاء حوائجه في ربيع الأول من سنة خمس وسبعين ومائتين وألف من الآستانة، ودخل مكة في موكب عظيم وجلس في دار والده للتنهئة، ودامت له الأمور في أحسن نظام إلى وفاته في اليوم الرابع عشر من جمادى الآخرة من سنة أربعين وتسعين ومائتين وألف بالطائف، ودفن بقبة الحبر ابن عباس.
فأقام تقي الدين باشا والي وجدة وشيخ الحرم المكي أخاه الشريف عون الرفيق باشا دليلا بمقام الإمارة وكان أخوة الأكبر الشريف حسين باشا بالآستانة؛ فوجهت الدولة