للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه لمعصية لمخالفتكم نبيكم، لا والله لا يدخلوا علينا بلادنا، فحالوا بينهم وبين الشام، فقال الجيش: ما بلد إذ منعتم بلدكم خير من البلد الذي خرجتم منه. قال: وكانت الحجاز أكثر بلاد الله شجرًا وأظهره ماء. قالوا: وكان هذا أول سكنى اليهود الحجاز بعد العماليق١ وهم يجدون في التوراة أن نبينا يهاجر من العرب إلى بلد فيه نخيل بين حرتين، فأقبلوا من الشام يطلبون صفة البلد؛ فنزل طائفة تيماء وتوطنوا نخلًا، ومضى طائفة فلما رأوا خيبر٢ ظنوا أنها البلدة التي يهاجر إليها فأقام بعضهم بها ومضى أكثرهم وأشرفهم فلما رأوا يثرب سبخة وحرة ونخلًا قالوا: هذا البلد الذي يكون له مهاجر النبي إليها فنزلوه، فنزل النضير بمن معه بطحان فنزلوا منها حيث شاءوا وكان جميعهم بزهرة وهي محل بين الحرة والسافلة مما يلي القف، وكانت لهم الأموال بالسافلة، ونزل جمهورهم بمكان يقال له يثرب بمجتمع السيول؛ سيل بطحان والعقيق وسيل قناة مما يلي رغاية، قال: وخرجت قريظة وإخوانهم بنو هذل وهدل وعمرو أبناء الخزرج بن الصريح بن التوم بن السبط بن اليسع بن العتين بن عيد بن خيبر بن النجار بن ناجوم بن عازر بن هارون بن عمران، والنصر بن النجار بن الخزرج بن الصريح بعد هؤلاء فتبعوا آثارهم فنزلوا بالعلية على واديين يقال لهما مذينيب ومهزور، فنزلت بنو النضير على مذينيب واتخذوا عليه الأموال ونزل قريظة وهذل على مهزور واتخذوا عليه الأموال وكانوا أول من احتفر بها الآبار واغترس الأموال وابتنوا الآطام والمنازل، قالوا: فجميع ما بنى اليهود بالمدينة تسعة وخمسون أطما٣.

قال عبد العزيز بن عمران: وقد نزل المدينة قبل الأوس والخزرج أحياء من العرب منهم أهل التهمة تفرقوا جانب بلقيز إلى المدينة، فنزلت بين مسجد الفتح إلى يثرب في الوطا، وجعلت الجبل بينها وبين المدينة فأبرت الآبار والمزارع.

ذكر نزول أحياء من العرب على يهود:

قالوا: وكان بالمدينة قرى وأسواق من يهود بني إسرائيل وكان قد نزلها عليهم أحياء من العرب فكانوا معهم وابتنوا الآطام والمنازل قبل نزول الأوس والخزرج؛ وهم بنو أنيف حي من بلى ويقال إنهم من بقية العماليق، وبنو مريد حي من بلى وبنو معاوية بن الحارث بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان وبنو الجذماحي من اليمن قالوا: وكانت الآطام عز أهل المدينة ومنعتهم التي يتحصنون فيها


١ في المصادر الإفرنجية أن مستعمرات اليهود في الحجاز من مثل خيبر وغيرها كوَّنها اليهود الذين اضطهدهم أباطرة الرومان من مثل أدربان الذي طردهم من فلسطين عام ١٣٢م.
٢ قرية شمالي المدينة كان سكانها في القديم من اليهود.
٣ الأطم: الحصن العالي أو القلعة، وكان كل حصن من هذه الحصون محاطًا بالمزارع والبساتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>