للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذات النخل، قال: فلحقت بنو عمرو بن ثعلبة وهم الأوس والخزرج ابنا حارثة بن عمرو بن ثعلبة بن عمرو بن عامر يثرب وهي المدينة، قالوا: وكان ممن بقي بالمدينة من اليهود حين نزلت عليهم الأوس والخزرج بنو قريظة، وبنو النضير، وبنو محمحم، وبنو زعورا، وبنو قينقاع، وبنو ثعلبة وأهل زهرة وأهل زبالة وأهل يثرب، وبنو القصيص، وبنو فاعصة، وبنو ماسكة، وبنو القمعة، وبنو زيد اللات وهم رهط عبد الله، وبنو عكوة، وبنو مرانة، قالوا: فأقامت الأوس والخزرج بالمدينة، ووجدوا الأموال والآطام والنخل في أيدي اليهود، ووجدوا العدد والقوة معهم، فسكنت الأوس والخزرج معهم ما شاء الله ثم إنهم سألوهم أن يعقدوا بينهم وبينهم جوارا وحلفا يأمن به بعضهم من بعض ويمنعون به من سواهم، فتعاقدوا وتحالفوا واشتركوا وتعاملوا فلم يزالوا على ذلك زمنًا طويلًا وأَثْرَتِ الأوس والخزرج، وصار لهم مال وعدد، فلما رأت قريظة والنظير حالهم خافوهم أن يغلبوهم على دورهم وأموالهم فتنمروا لهم حتى قطعوا الحلف الذي كان بينهم، وكانت قريظة والنضير أعدوا وأكثروا، فأقامت الأوس والخزرج في منازلهم وهم خائفون أن تحتلهم يهود حتى نجم منهم مالك بن العجلان أخو بني سالم بن عوف بن الخزرج.

ذكر قتل يهود واستيلاء الأوس والخزرج على المدينة:

قالوا: ولما نجم مالك بن العجلان سوده الحيان عليهما، فبعث هو قومه إلى من وقع بالشام من قومهم يخبرونهم حالهم ويشكون إليهم غلبة اليهود عليهم، وكان رسولهم الدمق بن زيد بن امرئ القيس أحد بني سالم بن عوف بن الخزرج وكان قبيحا دميما شاعرا بليغا، فمضى حتى قدم الشام على ملك من ملوك غسان الذين ساروا من يثرب إلى الشام يقال له أبو جبيلة من ولد حفنة بن عمرو بن عامر، وقيل كان أحد بني جشم بن الخزرج وكان قد أصاب ملكا بالشام وشرفا، فشكى إليه الدمق حالهم وغلبة اليهود عليهم وما يتخرفون منهم وأنهم يخشون أن يخرجوهم، فأقبل أو جبيلة في جمع كبير لنصرة الأوس والخزرج، وعاهد الله لا يبرح حتى يخرج من بها من اليهود أو يذلهم ويصيرهم تحت يد الأوس والخزرج، وأعلمهم ما جاء به فقالوا: إن علم القوم ما تريد تحصنوا في آطامهم فلم نقدر عليهم ولكن تدعوهم للقائك وتتلطف بهم حتى يأمنوك ويطمئنوا، فتتمكن منهم فصنع لهم طعامًا وأرسل إلى وجوههم١ ورؤسائهم فلم يبق من وجوههم أحد إلا أتاه وجعل الرجل منهم يأتي بخاصته وحشمه رجاء أن يحبوهم الملك، وقد كان بنى لهم حيزا وجعل فيه قوما وأمرهم من دخل عليهم منهم أن يقتلوه حتى أتى على وجوههم ورؤسائهم فلما فعل ذلك عزت الأوس والخزرج في المدينة واتخذوا الديار والأموال


١ الوجوه: رؤساء القوم وأعيانهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>