وعن أبي عمرو بن حجاش قال: اختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المنازل فنزل في منزله ومسجده، فأراد أن يتوسط الأنصار كلها فأحدقت به الأنصار.
وقال البراء بن عازب: أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم كلثوم وكانا يقرئان الناس، ثم قدم عمار بن ياسر وبلال ثم قدم عمر بن الخطاب ثم قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى جعل الإماء يقولون: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فينا، قدم، قالت عائشة رضي الله عنها: لما قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة وعك أبو بكر وبلال، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف نجدك ويا بلال كيف نجدك؟ فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
وكل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدنى من شراك نعله
قالت: وكان بلال إذا أقلعت عنه الحمى يرفع عقيرته فيقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بوادٍ وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
قالت عائشة: فجئت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال: اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حماها، واجعلها بالجحفة. قال أهل السير: وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة ثلاث ليالٍ وأيامها حتى أدى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الودائع التي كانت عنده للناس حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فنزل معه على كلثوم بن الهرم، قالوا: ولم يبق بمكة من المهاجرين إلا من حبسه أهله أو فتنوه.
أنبأنا أبو القاسم الزاندواذي عن أبي علي المقري عن أبي نعيم الحافظ عن جعفر الخواص قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه في قول الله عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا}[الإسراء: ٨٠] ، قال: جعل الله مدخل صدق المدينة ومخرج صدق مكة وسلطانا نصيرا الأنصار.