للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجوز اتخاذ المساويك من إراك الحرم، زاد النووي: ويختصان بتحريم دفن المشرك، ولو دفن نبش ما لم يتقطع ... انتهى.

وما ذكره ابن الصلاح من تحريم إخراج تراب الحرم وحجارته إلى خارجه نص عليه الشافعي في "الجامع الكبير"، وفي "الأم" وصححه النووي في "الروضة"، وإن كان نقل في "شرح المهذب" عن الأكثرين من الشافعية أن ذلك مكروه.

وقال المحب الطبري: إن كراهية إخراج تراب الحرم إلى الحل كراهية تحريم عندنا١ ... انتهى.

والواجب على من أخرج ذلك من الحرم رده إليه، ولا ضمان عليه في ترك الرد، وأما كراهية إدخال تراب الحل وأحجاره إلى الحرم فلئلا تحدث لها حرمة لم تكن لها.

وما ذكره ابن الصلاح من كراهية إدخال الحل وأحجاره إلى الحرم نص عليه النووي في "روضته" و"مناسكه"، وذكر في "المجموع": أن الأصحاب متفقون على أن ذلك من باب الأولى، وفيه نظر، لأن صاحب "البيان" نقل عن الشيخ أبي حامد أنه قال: لا يجوز إدخال شيء من تراب الحل وأحجاره إلى الحرم ... انتهى.

والعلة في كراهية ذلك: لئلا يحدث لها حرمة لم تكن.

ومذهب الحنابلة: كراهة إخراج تراب الحرم وحصاه إلى الحل، وإدخال ذلك من الحل إلى الحرم، والإخراج أشد على ما قال أحمد.

وحكم حرم مكة في ذلك حكم مكة من غير خلاف.

وقد اختلف العلماء في مكة وحرمها: هل صار ذلك حرما آمنا من الجبابرة، والخسوف، والزلازل بسؤال الخليل عليه السلام؟ أم لم يزل حرما آمنا منذ خلق الله السماوات والأرض؟ وهو الصحيح على ما ذكره النووي وغيره، لحديث ابن عباس، وأبي هريرة، وابن شريح الخزاعي رضي الله عنهم وإنما سأل الخليل عليه السلام ربه تبارك وتعالى أن يجعل ذلك آمنا من الجدب والقحط، وأن يرزق أهله من الثمرات، واحتج القائلون بالأول: بحديث عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة" ٢.... الحديث كما في الصحيحين.

وأجاب القائلون بالثاني عن هذا الحديث، بأن إبراهيم عليه السلام أظهر التحريم بعد أن كان مهجورا. والله أعلم بالصواب


١ القرى "ص: ٦٣٧".
٢ أخرجه: البخاري ٣/ ٨٨ "البيوع: باب بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده"، ومسلم "الحج: ١٣٦٠". وأحمد ٤/ ٤٠، والمنتخب من مسند عبد بن حميد "٥١٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>