للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبي حتى استقرت، وفي لفظ: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر، كل هذه الألفاظ في الصحيح، وقال أبو سعيد الخدري: لما سكن الجذع أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحفر له ويدفن.

وقال أبو بريدة الأسلمي: لما سكن الجذع قال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "إن شئت أن أردك إلى الحائط الذي كنت فيه كما كنت، فتنبت لك عروقك، ويكمل خلقك، ويجدد لك خوص وثمر، وإن شئت أن أغرسك في الجنة فتأكل أولياء الله من ثمرك"، ثم أصغى إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- يسمع ما يقول، قال: بل تغرسني في الجنة فيأكل مني أولياء الله، وأكون في مكان لا أداس فيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "نعم، قد فعلت"؛ وعاد إلى المنبر ثم أقبل على الناس فقال: "خيرته كما سمعتم فاختار أن أغرسه في الجنة، اختار دار البقاء على دار الفناء".

وقالت عائشة رضي الله عنها: لما قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك غار الجذع فذهب، وقال ابن أبي الزناد: لم يزل الجذع على حاله زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما هدم عثمان رضي الله عنه المسجد اختلف في الجذع فمنهم من قال: أخذه أبي بن كعب فكان عنده حتى أكلته الأرضة، ومنهم من قال: دفن في موضعه، وكان الجذع في موضع الأسطوانة المخلفة التي عن يمين محراب النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الصندوق.

ذكر عمل المنبر:

وروى البخاري في الصحيح من حديث أبي حازم أن نفرا جاءوا إلى سهل بن سعد قد تماروا في المنبر من أي عود هو، فقال: أما والله إني لأعرف من أي عود هو ومن عمله؛ رأيت رسول الله أول يوم جلس عليه، فقلت له: فحدثنا، فقال: أرسل عليه السلام إلى امرأة: "انظري غلامك النجار يعمل لي أعوادا أكلم الناس عليها"، فعمل هذه الدرجات الثلاث ثم أمر بها فوضعت بهذا الموضع وهي من طرفاء الغابة ... وفي صحيح البخاري من حديث جابر بن عبد الله أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه؛ فإن لي غلاما نجارا؟ قال: "إن شئت" فعمل له المنبر. وروى أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمر أن النبي لما بدن قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبرا يا رسول الله يجمع أو يحمل عظامك؟ قال: "بلى" قال: فاتخذ له منبرا مرقاتين١، وروي عن أبي الزناد أنه عليه السلام كان يخطب يوم الجمعة إلى جذع في المسجد فقال: "إن القيام قد شق علي" وشكا ضعفا في رجليه، فقال له تميم الداري وكان من أهل فلسطين: يا رسول الله أنا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام قال: فلما أجمع


١ المرقاة: الدرجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>