للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذوو الرأي من أصحابه على اتخاذه قال العباس بن عبد المطلب: إن لي غلاما يقال له كلاب أعمل الناس، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "فمره يعمل"، فأرسل إلى أثلة بالغابة فقطعها ثم عملها درجتين ومجلسا ثم جاء بالمنبر فوضعه في موضع المنبر اليوم ثم راح إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة، فلما جاوز الجذع يريد المنبر حنَّ الجذع ثلاث مرات كأنه خوار بقرة حتى ارتاع الناس، وقام بعضهم على رجليه، فأقبل عليه السلام حتى مسه بيده فسكن، فما سمع له صوت بعد ذلك، ثم رجع إلى المنبر فقام عليه، وقد روي أن اسم هذا الغلام الذي صنع المنبر مينا، وقال عمر بن عبد العزيز: عمله صباح غلام العباس بن عبد المطلب.

قال الواقدي١: وفي سنة ثمانٍ من الهجرة اتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- منبره واتخذه درجتين ومقعدة.

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال -صلى الله عليه وسلم: "قوائم منبري رواتب في الجنة، وما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة".

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم: "منبري على حوضي"، قال الخطابي: معناه: من لزم عبادة الله عنده سقي من الحوض يوم القيامة، قلت: الذي أراه أن المعنى هذا المنبر بعينه يعيده الله على حاله فينصبه عند حوضه كما تعود الخلائق أجمعون.

أخبرنا أبو طاهر المبارك بن المبارك العطار قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد الخطيب، وأخبرنا هبة الله بن الحسن بن السبط قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله العكبري قالا: أخبرنا أبو طالب العادي أخبرنا عمر بن أحمد بن شاهين قال: حدثنا علي بن محمد العسكري حدثني دارم بن قبيصة حدثني نعيم بن سالم قال: سمعت أنس بن مالك قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "منبري على ترعة من ترع الجنة". قال أبو عبيدة القاسم بن سلام: في الترعة ثلاثة أقوال: أحدها أنها الروضة تكون على المكان المرتفع خاصة، والثاني أنها الباب، والثالث أنها الدرجة.

وروى أبو داود في السنن من حديث جابر بن عبد الله قال: قال -صلى الله عليه وسلم: "لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له النار".

وقال ابن أبي الزناد: كان -صلى الله عليه وسلم- يجلس على المنبر ويضع رجليه على الدرجة الثانية، فلما ولي أبو بكر قام على الدرجة الثانية، ووضع رجليه على الدرجة الثالثة السفلى فلما


١ هو أبو عبد الله الواقدي المتوفى عام ٢٠٧هـ أو ٢١٦هـ. وله: تاريخ مكة، وفتوح الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>