ويأتي الحصان بعد الحمار من حيث قدم التعرف عليه من جانب عرب شبه الجزيرة، وإذا كانت أنواعه الجيدة قد اقترنت باسم العرب، إلا أنه حيوان دخيل على العرب وبقية الشعوب السامية على السواء، فقد كان أول من دجَّنه وحوله بذلك إلى حيوان أليف هم الرعاة من القبائل الآرية "الهندوأوروبية" في بعض المناطق التي تقع إلى شرقي بحر الخزر, ثم استورده الكاشيون "من المجموعات التي استقرت في وادي الرافدين" والحيثيون "في آسيا الصغرى" وأدخلوه إلى غربي القارة الآسيوية في أواسط الألف الثانية ق. م. ومن سوريا عرف طريقه إلى شبه جزيرة العرب في الفترة السابقة للعصر الميلادي.
ولكن الحصان لم يصبح في الواقع أداة نقل في المقام الأول عند عرب شبه الجزيرة. وإنما استفاد العرب من سرعته ومن بعض صفاته الأخرى في الغارات التي كانت تقوم بها القبائل فيما بينها في العصر السابق للإسلام. أما فيما عدا ذلك فقد كان دابة ترف بالنسبة للعرب، إذ كانت مهمة إطعامه والعناية به تشكل عبئا بالنسبة لأهل البادية, ومن ثم فقد كان اقتناؤه لا يتيسر إلا لمن كان على قدر من الثراء، وكان يعتبر في الواقع مظهرا من مظاهر هذا الثراء وما يتصل به من ممارسات. فالحصان كان يستخدم، إلى جانب الغزوات أو الغارات، في بعض أنواع الرياضة مثل: الصيد والسباق الذي يبدو أنه كان
٢٣ الإشارة في القرآن الكريم إلى الخيل والبغال والحمير في سورة النحل: آية ٨. عن انتقال الحمار من الشواطئ العربية للخليج إلى العراق راجع جواد علي: ذاته، ص١٩٧. وضع العرب للحمار في مرتبة أدنى من الجمل يظهر، على سبيل المثال، في بيت للمتلمس "توفي ٥٨٠م"، راجع شيخو - البستاني: المجاني، ص١٩٢، بيت١.