للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هواية وصلت عند عرب الجاهلية إلى قدر كبير من التفصيل والتفنن والإتقان٢٤.

وأخيرا يأتي البغل كدابة ركوب أو نقل. ويشير كتاب السير من العلماء المسلمين إلى أن أول بغلة رئيت في الإسلام كانت بعد هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما يستنتج منه أن هذه الدابة كانت نادرة الاستخدام في العصر الجاهلي. ولكن يبدو، إذا صحت رواية هؤلاء الكتاب، أن حديثهم لا يشمل شبه الجزيرة بأكملها، ولعلهم، وهو الأرجح، كانوا يقصدون منطقة الحجاز؛ إذ إن الحديث يدور عن بغلة أهداها المقوقس للرسول -صلى الله عليه وسلم٢٥.

واستند في هذا الافتراض إلى بعض القرائن: فمن جهة نجد أن ذكر البغال


٢٤ عن تدجين رعاة القبائل المتحدثة بالآرية للحصان ودخوله إلى وادي الرافدين مع الكاشيين راجع g.roux: ذاته، ص٢٢١. عن دخوله إلى شبه جزيرة العرب من المنطقة السورية راجع hitti: ذاته، ص٢٠، وأؤيد هذا بأن الحصان قد عرف في المنطقة السورية ابتداء من القرن السادس عشر ق. م. على الأقل, استنادا إلى أن جماعات الهكسوس التي اجتاحت مصر الشمالية قادمة من المنطقة السورية في ذلك الوقت "فرارا بدورها أمام اجتياح جماعات آرية من آسيا الصغرى" قد أدخلت استخدام الحصان إلى مصر بعد أن نقلت ذلك بدورها من جماعات من آسيا الصغرى راجع G.H.Breasted: A History of Egypt from the Earliest "New york ١٩٦٤ Bantam Books" Times to the Persian Conquest ص١٨٦ عن الحدث وص٥٠١ عن تحديد التاريخ. عن إشارات القرآن الكريم إلى الحصان كدابة من دواب الزينة، سورة آل عمران: ١٤، النحل:٨, كدابة حرب، سورة الأنفال:٦٠، الإسراء:٦٤. عن استخدام الحصان للصيد والرياضة يظهر في عديد من المواضع في الشعر الجاهلي، على سبيل المثال، عند امرئ القيس في شيخو- البستاني: المجاني، ص٣٦، أبيات ٦١-٦٨، وعند زهير بن أبي سلمى في شيخو - البستاني: ذاته, صفحات ٩١-٩٢. عن مدى التفنن في رياضة السباق بالخيل نجد عشرة أسماء عند عرب شبه الجزيرة لترتيب الخيل في السباق وهي: السابق أو المميز وهو أول الخيل في الوصول إلى الهدف, ثم المصلي والمسلي والتالي والمرتاح وهو الخامس, ثم العاطف والخطي والمؤمل والسكيت وهو العاشر: راجع دراستنا "الكيان العربي" بيروت, ١٩٦٥.
٢٥ ابن سعد: الطبقات، بيروت ١٩٥٧، ج١، ص٤٩١.

<<  <   >  >>