للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من شبه الجزيرة وعلاقة سكانها بالمناطق المستقرة المتاخمة لها، والمنطقة هي منطقة "عوص" التي كان يقطنها أيوب وآله من "بني قِدم". ونستنتج من التوراة أنها منطقة شبه صحراوية تجمع بين الرعي والزراعة، إذ تذكر أن أيوب كان يملك سبعة آلاف من الغنم وثلاثة آلاف من الإبل وعددا من البقر يكفي لفلاحة خمسمائة فدان من الأرض الزراعية وخمسمائة أتان. كذلك تذكر التوراة أن الكلدانيين قد هاجموا هذه المنطقة وأخذوا الجمال وتركوا وراءهم عددا كبيرا من القتلى من بين السكان، بينما أغار السبئيون عليها وأخذوا البقر والأتن٢٩.

ولنحاول الآن أن نحدد مكان منطقة "عوص". وفي هذا المجال نجد اختلافا في الرأي بين الباحثين، فبعضهم يرى أنها منطقة حوران في سورية، وبعضهم يرى أنها تقع في منطقة الحجاز، وهو رأي قد يغري به وجود موضع حتى الآن يدعى "عيص" في المجاز فعلا "شمال غربي المدينة وشمال ينبع النخل"، وبعضهم يضعها في مناطق أخرى٣٠، فأين إذن منطقة "عوص" على وجه التحديد؟ إن التوراة أطلقت على سكانها "بني قدم"، وهو وصف يعني سكان الشرق أي: السكان الذين يقطنون إلى شرقي العبرانيين, وهذه طريقة في تحديد الأماكن تتمشى مع ما اتبعته الأقوام القديمة في هذا الصدد "كما كان أبناء وادي الرافدين، على سبيل المثال، يسمون القبائل البدوية القاطنة إلى غربهم قبائل أمورو أي: قبائل الغرب" كذلك فالمنطقة تقع في متناول غارات الكلدانيين. والكلدانيون من سكان وادي الرافدين وقد أقاموا حكمًا لهم هناك بعد أن اشتركوا في إسقاط حكم الآشوريين في ٦١٢ ق. م. وإذن فمنطقة عوص قريبة من وادي الرافدين أو على الأقل


٢٩ منطقة عوص، سفر أيوب، ١: ١، بني قدم، ذاته، ١: ٣، أملاك أيوب, ذاته, الموضع ذاته، هجوم السبئيين، ذاته: ١: ١٥، هجوم الكلدانيين، ذاته، ١: ١٧.
٣٠ راجع جواد علي: ذاته، ج١، ص٦٣١ وحاشية ٢.

<<  <   >  >>