للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب أو عن شبه الجزيرة العربية ليس متصلا دائما، وإنما يأتي متناثرا في أغلب الأحوال حسبما يقتضي سياق الموضوع من استطرادات ومقارنات مع الشعوب والمناطق الأخرى، كما أنه لا يخلو من مبالغات قد تجنح إلى الخيال في بعض الأحيان، وهو أمر يأتي كنتيجة طبيعية لاعتماد هيرودوتوس على الرواية في كثير من المواضع في وقت لم تكن قد توفرت فيه بعد أسباب الرواية عن المتخصصين٦.

ولكن رغم ذلك، فإن هيرودوتوس قد أورد الكثير من المعلومات التي ثبتت صحتها، وهو قد تعرض للكثير منها في استفاضة، كما أنه تطرق في كتابته إلى كل أبعاد شبه الجزيرة وأحوال سكانها تقريبا، فهو يتحدث عن موقع البلاد وتربتها وعن عادات العرب وتقاليدهم وعقائدهم الدينية وملابسهم وسلاحهم وطرقهم في الحرب. كذلك فهو يقدم لنا مقتطفات من تاريخهم وعلاقاتهم الخارجية مع الآشوريين والفرس، كما يفيض في الحديث عن منتجات شبه الجزيرة أو ما يعتقد أنه من منتجاتها، من اللبان LIBANDS والمر smyrna والقصيعة kassia والقرفة kinnamon واللادن أو المستكة ladanon, ويذكر لنا بشكل عام أن العرب يتاجرون في هذه الطيوب والتوابل مع البلاد الأخرى. وإذا كان لا يتحدث عن الطرق التي تسلكها القوافل التجارية، فنحن نستنتج من أكثر من موضع في حديث هيرودوتوس أن الفينيقيين في هذه الفترة كانوا لا يزالون هم الوسطاء في تجارة الطيوب والتوابل بين شبه الجزيرة العربية والعالم اليوناني -إلى الموانئ الفينيقية تصل هذه السلع,


٦ عن جنوح الرواية إلى الخيال أحيانًا الإشارة إلى ثعابين مجنحة تحرس أشجار اللبان III,١٠٧، طريقة الحصول على القرفة III, III, أنواع من الغنم لها ذيول غير عادية الطول تحفظ بطريقة غير عادية III, ١١٣.

<<  <   >  >>