وقبل أن أختم الحديث عن الكتاب الكلاسيكيين في العصر الروماني المبكر، أعرض لواحد منهم لا يمكن تصنيفه ضمن هذه الاتجاهات الأربع السابقة التي عكست اهتمام الرومان بالمنطقة العربية في حد ذاتها، وهذا هو المؤرخ اليهودي فلافيوس جوزيفوس flavius josephus "ولد في ٣٧ أو ٣٨م وتوفي حوالي نهاية القرن الأول الميلادي". ويختلف يوسفوس عن كتاب هذه المرحلة في أنه لم يكتب عن العرب وأحوالهم مباشرة وإنما جاءت كتابته عنهم بشكل جانبي أو غير مباشر في أثناء حديثه عن تاريخ اليهود. ويرد حديثه عن العرب في اثنين من كتبه هما "تاريخ حرب اليهود ضد الرومان" historia loudaikou polemou pros romaious، الذي ظهر بين ٧٥ و٧٩م. وهو يقع في سبعة أبواب تتضمن مقدمة عن تاريخ اليهود منذ استيلاء أنتيوخوس إبيفانوس antiochos epiphanos على القدس في ١٧٠ ق. م. وتنتهي بسقوطها مرة ثانية في ٧٠م في يد الرومان على عهد تيتوس titus. أما الكتاب الثاني فهو "أخبار اليهود القديمة" he loudaike archaiologia الذي ظهر في ٩٣-٩٤م وفيه يتحدث عن عقائد اليهود وتاريخهم منذ بدء الخليقة حتى ٦٦م.
وفيما يخص تقويم هذين الكتابين لنعرف الحدود التي يمكننا أن نعتمد، داخل نطاقها، على إشاراته إلى العرب، نستطيع أن نقسم ما جاء بهما، من الناحية الزمنية، إلى فترتين: الفترة الأولى تمتد من بدء الخليقة حتى ١٧٠ق. م. وهذه إما تعتمد على التوراة كمصدر لها ومن ثم نستطيع في مثل هذه المواضع أن نعتمد على التوراة مباشرة كمصدر أول في هذا الصدد، أو على الرواية اليهودية وهذه لا نستطيع تحقيقها في كل الأحوال، أو على كتاب سابقين مثل بيروسوس berosus البابلي ومانيثون manethon المصري وديوس dius الفينيقي وغيرهم،