للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأخبار التي تعتمد فيه على هؤلاء ممدودة من جهة، كما أنه يبدو من جهة أخرى أن المؤرخ لم يعرف نصوص هؤلاء الكتاب مباشرة وإنما عرفها من خلال كاتب آخر هو نيقولاس nicolas الدمشقي ومن ثم تصبح أخباره هنا من الدرجة الثالثة. أما الفترة الثانية فهي التي تقع بين ١٧٠ ق. م و٧٠م. وقد عاصر القسم الأخير من هذه الفترة معاصرة مباشرة في أثناء حياته، إما رؤية أو سماعًا وكان في بعض الأحيان في موقف من يعرف بواطن الأمور بحكم مركزه الاجتماعي، فقد كان من أسرة أرستقراطية، أو بحكم مركزه الرسمي فقد كان مساعدًا لحاكم الجليل في ٦٦م, على سبيل المثال. أما القسم السابق لحياته من هذه الفترة فيمكن أن نعتمد على أخباره عنه بصفته قسما قريبا من المعاصر، وبخاصة إذا عرفنا أن يوسفوس كان من رجال الدين، ورجال الدين اليهود يتصفون بالحرص عادة، إن لم يكن في الواقع دائما, بتسجيل الأخبار التي تخص تاريخ شعبهم.

والأمر الثاني الذي يجب أن ندخله في اعتبارنا في هذا الصدد هو أن اتجاه هذا المؤرخ يختلف في أحد هذين الكتابين عنه في الكتاب الآخر. ففيما يخص كتابه عن "حرب اليهود" نجد أنه كان مواليا للإمبراطورية الرومانية ومن ثم فهو يقف ضد التعصب القومي لليهود ويظهر الرومان بأنهم أصحاب القوة التي لا تقهر، بل إنه حين كان يشغل منصب مساعد الحاكم لمنطقة الجليل كان همه الأساسي هو كبح جماح الثورة اليهودية، أما كتابه عن "أخبار اليهود القديمة" فقد كتبه في أثناء حكم الإمبراطور دوميتيانوس DOMITIANUS الذي اتسم عهده بتضييق الخناق على الكتابات الأدبية عموما وعلى الكتابات التاريخية على وجه التحديد، ومن ثم فقد كان رد الفعل عند يوسفوس هو الابتعاد عن الولاء للإمبراطورية الرومانية والاتجاه نحو تمجيد اليهود وبخاصة في ثقافتهم

<<  <   >  >>